[استدلال الفقيه على إمامة أبي بكر - والرد عليه]
  أو دليل يدل عليه، وبعضها ورد على سبب لا يجوز قصر السبب عنه لأنه يؤدي إلى تأخير البيان عن وقت الحاجة.
  وسنذكر هاهنا حديثين أو ثلاثة مما رويناه عن النبي ÷ ليكون دليلاً على ما قلنا وموضحاً لما قصدنا، ولا يقدر خصمنا على دفع ذلك وإنكاره إلا ببهت صريح وقول غير صحيح، فأقول:
  أول ذلك حديث الصلاة الذي ذكرناه من قبل ورواه عدة من الصحابة عن النبي ÷ وقول النبي ÷ لما صلى عمر [فأين أبو بكر يأبى الله ذلك والمسلمون يأبى الله ذلك والمسلمون]؛ ثم أمر أبا بكر بإعادة تلك الصلاة.
  ومعلوم أن النبي ÷ لم يرد بقوله هذا أن صلاة عمر غير صحيحة، وأن إمامته فيها غير جائزة، فكيف وقد استخلف ابن أم مكتوم الأعمى ليصلي بالناس بالمدينة في غزوة غزاها، وإنما أراد بهذا أمر الإمامة التي هي دليل على الخلافة، وإلا فأخبرني هل تجد له معنى آخر سوى هذا بدليل يدلك عليه.
  والجواب [المنصور بالله]: أن ما ذكره هاهنا من السب لمورد الرسالة والإجتراء والأذية والإزراء، والمدح لنفسه وأهل ملته والإطراء - فليس بمخلص له عن الجواب.
  وأما إيراده في الخبر الذي رواه بزعمه في عمر وصلاته، وأمر أبي بكر بإعادتها وأن ذلك دليل الخلافة - فالجواب عن ذلك: أنا قد تكلمنا على ذلك فيما تقدم بما يكفي ويشفي.
  وأما قوله: فأخبرني هل تجد له معنى آخر سوى هذا بدليل يدلك عليه.
  فالجواب: أن الذي أورد الخبر ورام الاستدلال به، فهو أحق ببيان وجه دلالته، وسؤاله عن بيان معناه يدل على قصوره أو شكه في الخبر أو في معناه.
  ولقائل أن يقول: إن ما ذكر يشعر بأحد أمرين:
  إما أن الخبر على ذلك الوجه لا أصل له، أو لا أصل للزيادة التي هي الأمر بإعادة الصلاة.