[بطلان دعوى الإجماع لإمامة أبي بكر]
  على أنه إن أراد بذلك إمامتهما لزمه ما قدمنا أولاً من تقصيرهم عن الاستدلال بذلك يوم العقد فتقع الغنية عنه، لأنه يكون حينئذ عبثاً، ويقبح منهم إلزام الأمة اتباع أبي بكر لأجل العقد له؛ لأن العقد ليس بطريق على هذه القاعدة عنده، ويبطل(١) سائر تعليلاتهم واشتغالهم بوقوع الإجماع من الصحابة؛ لأن النص متى صح أغنى عن جميع ذلك.
  ويعاد عليه ما قدمنا من أنه إن كان جلياً يفهم المراد من ظاهر اللفظ؛ كفر من خالفه كما ادعت ذلك الإمامية، وإن كان خفياً لم يخلصه ما اعتذرنا به في ترك علي # الاستدلال بالنصوص في كثير من المواطن، لأن العذر كان عنهم زائلاً دونه # ويلزم ما قدمنا من إمامتهما معاً لظاهر اللفظ، وتبطل إمامة عثمان، لأنها مبنية على أن طريق الإمامة العقد، وقد عدل عنه الفقيه القدري إلى غير ذلك من الوجوه.
  وأما النصوص على إمامة علي # فهي دالة على إمامته، وإن كان في بعضها من الإحتمال لأجل اشتراك اللفظة واستعمالها في معاني سوى الإمامة، لكنا قد بينا كيفية الاستدلال، وبينا بطلان ما يتوهم المبطلون فيها من الإشكال.
  وليس كذلك الصلاة، فإنه ليس في التقديم فيها إن صح ما يدل على ملك التصرف على الأمة بحال من الأحوال، وكذلك في لفظة الاقتداء على ما فصلنا ذلك؛ فأين أحد الأمرين من الآخر حتى يقول فما أجبت في ذلك فهو جوابنا في هذا.
[بطلان دعوى الإجماع لإمامة أبي بكر]
  ثم قال [أي الفقيه]: وأما ما زعم القدري من أني قلت: كانوا بين مبايع له وبين راض بإمامته لا يظهر خلافاً ولا يبدي نكيراً، فلم أقل هذا بل أدعي أن كل واحد من الصحابة مد يده إلى بيعة أبي بكر الصديق مختاراً، وسأقيم الدلالة على ذلك إن شاء الله تعالى.
(١) بطل (نخ).