كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[مدح أبي بكر لعلي (ع)]

صفحة 515 - الجزء 4

  وإن استدل على إمامته بالعقد والاختيار فليس في الشرع ما يدل على كونه طريقاً للإمامة، وإثبات ما لا دليل عليه يفتح باب الجهالات.

  وإن ادعى إجماع الأمة على صحة إمامته، فإنه مطالب هل حضرت الأمة بأجمعها العقد، ومد كل واحد يده في الحال للبيعة راضياً بها كما ادّعاه الفقيه؟

  فإن قال ذلك باهت، وإن قال: بايعه جماعة وتتابع الناس، قيل له: فالكلام حال العقد بماذا صحت البيعة ما الطريق إلى كونها طريقاً للإمامة؟

  ثم يقال له: كيف تجمع الأمة بعد ذلك على بيعة ليس لها أصل في الشرع، وهل ذلك إلا قدح في الأمة نفسها إذ أجمعت على ما لا دليل على صحته وذلك لا يجوز.

  ومتى صح ما ذكرنا بطل كل ما يدعي من الأخبار التي تقضي بإمامة أبي بكر وببيعة علي # طائعاً، وما أمكن تأويله منها على ما يوافق ما ذكرنا من الأدلة التي تقدمت، لم نتسرع إلى تكذيبه وإبطاله كما هو عادة الفقيه وأمثاله.

  فنقول في هذا الخبر الذي لم يذكر فيه طريقاً أصلاً: إن صح قول علي #: والله ما بذلت ما بذلت وأنا أريد نكثه، ولا أقررت بما أقررت وأنا أبغي حولاً عنه.

  يحمل على أن المراد أنه # رأى المساعدة لهم فيما طلبوه من البيعة وهو كاره لها، غير راض بها، خشية انشقاق عصا الإسلام، وهو دين محمد –÷ - فرأى الإقدام على ذلك أهون مما خشي وقوعه لو امتنع عن البيعة، وما دامت الخشية باقية فإن الغرض وهو تسكين الحركات المضرة باق، وأن ما فعله # من ذلك إنما فعله حمية على الدين، وخوفاً من رب العالمين، لا لطلب دنيا، ولا رغبة عن الأخرى، ولهذا قال: وإن أخسر الناس صفقة عند الله تعالى من آثر النفاق، واختص الشقاق ... إلى آخر كلامه.

[مدح أبي بكر لعلي (ع)]

  وأما قوله [أي الفقيه]: وروى فيها أن أبا بكر قال لعلي # لما جاءه وتكلم بما تكلم به: إن عصابة أنت منها لمعصومة، وإن أمة أنت فيها لمرحومة، ولقد أصبحت عزيزاً علينا، كريماً لدينا، نخاف الله إذا سخطت، ونرجوه إذا رضيت،