[موقف من تخلف مع علي (ع) عن البيعة لأبي بكر]
  أن تدخل فيما دخل فيه المسلمون، وإما أن تأذن بحرب، وإما أن تأخذ لزاد شهر؛ فالعجب حين ذكر أن العباس والفضل بن العباس وسائر بني هاشم امتنعوا عن البيعة، وكذا سعد بن عبادة وعشيرته وبنوه، وأبو سفيان بن حرب وابنه معاوية، وسلمان وأبو ذر، والمقداد، وخالد بن سعيد وغيرهم؛ ثم هم ينظرون عمر يستطيل على علي وطلحة والزبير، ويريد إحراق البيت عليهم، ومرة يُؤتَى بعلي ملبباً مسحوباً، ومرة يريد أبو بكر قتل علي بيد خالد، ومرة يريد عمر إخراج علي # من المدينة ونفيه عنها، وهم غير منكرين لذلك ولا دافعين عنه.
  فليت شعري أرضوا بذلك على علي لعداوة بينهم وبينه وبايعوا كلهم أبا بكر، وتأخر علي عن البيعة ولم يمكنهم نصرته لأجل ما تقدم من بيعتهم لأبي بكر؟ أم لم يكن عندهم من الدفاع والإمتناع ما يقدرون على الدفع بالكلام إن لم يقدروا على الدفع بالسنان والحسام.
  هذا والله أعجب العجب لا يكاد يذهب مثله إلا عن جاهل لا فكر له، أو غافل لا ذهن له، وقلب خاو لا خير فيه، ولقد كنت أتعجب من سخف عقول الباطنية حين زعموا أن علياً # رُبِط بحبل أسود وأُتِيَ به للبيعة، ولم أكن أظن أنكم معاشر القدرية تجترون على إظهار مثل هذه الوقاحات، وتعتمدون على الركون إلى مثل هذه الحماقات، فإذا أنتم كما قيل: وافق شن طبقه.
  والجواب [المنصور بالله]: أن قوله: أظهر في هذه الأحاديث الوقاحة - قول باطل؛ لأن الوقاحة ترجع إلى صفة كلام الإنسان نفسه لا إلى ما يرويه عن غيره.
  وأما استبعاده [أي الفقيه] لترك من تأخر عن البيعة لأبي بكر في أول الأمر وكيف لم ينصروا علياً #(١).
(١) قال ¥ في التعليق: إن شئت تعرف جواب استبعاده، [وتعرف] إجماع الأكثر من الصحابة على دفع النص على علي فراجع ما جرى بين ابن أبي الحديد وشيخه النقيب أبي جعفرفي هذا المعنى تجده في =