كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[شرح ابن أبي الحديد لأحوال أمير المؤمنين مع رعيته]

صفحة 544 - الجزء 4


= المجلد الثالث في الجزء الثاني عشر في صفحة [١١٦] (مائه وستة عشر) من شرح نهج البلاغة تجد الشفاء، تمت.

قال ابن أبي الحديد: قريش قاطبة منحرفون عن علي #، تمت.

وكذا قال ذلك أبو جعفر الإسكافي.

ولذا قال النبي ÷ لعلي: «أخاف عليك غدر قريش»، رواه محمد بن سليمان الكوفي.

بل قال رسول اللَّه ÷: «إن الأمة ستغدر بك من بعدي» [سبق تخريجه]، وقد مر ذكر من أخرجه من المحدثين، تمت.

[شرح ابن أبي الحديد لأحوال أمير المؤمنين مع رعيته]

فائدة: قال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة في شرح قول علي: (إن الرعية تشتكي ظلم رعاتها، وأنا أشتكي ظلم رعيتي): ذكر # نكتة لطيفة، فقال: الرعية تخاف ظلم الوالي، وأنا أخاف ظلم رعيتي. ومن تأمل أحواله # في خلافته علم أنه كالمحجور عليه، لا يتمكن من بلوغ ما في نفسه؛ وذلك لأن العارفين بحقيقة حاله كانوا قليلين، وكان السواد الأعظم لا يعتقدون فيه الأمر الذي يجب اعتقاده فيه، ويرون تفضيل من تقدمه من الخلفاء عليه، ويظنون أن الأفضلية إنما هي بالخلافة، ويقلِّدُ أخلافهم أسلافهم، ويقولون: لولا أن الأوائل علموا فَضْلَ المتقدمين عليه لما قدموهم، ولا يرونه إلا بعين التبعية لمن سبقه وأنه كان رعية لهم، وأكثرهم إنما يحارب معه بالحمية، وبنخوة العربية لا بالدين أو العقيدة، وكان # مدفوعاً إلى مداراتهم ومقاربتهم، ولم يكن قادراً على إظهار ما عنده.

ألا ترى إلى كتابه إلى قضاته في الأمصار، وقوله: فاقضوا كما [بما (نخ)] كنتم تقضون حتى يكون الناس جماعة أو أموت كما مات عليه أصحابي.

إلى قوله: ألا ترى إلى قوله على المنبر في أمهات الأولاد: كان رأيي ورأي عمر ألاَّ يبعن، وأنا أرى الآن بيعهن، فقام عليه عبيدة السلماني فقال له: رأيك مع الجماعة أحب الينا من رأيك وحدك، فما أعاد عليه حرفاً؛ فهل يدل هذا على القوة أم على الضعف في السلطان والرخاوة؟ فهل المصلحة كانت تقتضي في ذلك الوقت غير السكوت والإمساك؟

ألا ترى أنه كان يقرأ في صلاة الصبح، وخلفه جماعة من أصحابه، فقرأ واحد منهم رافعاً صوته معارضاً قراءة أمير المؤمنين #: {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ ٥٧}⁣[الأنعام]، فلم يضطرب #، ولم يقطع صلاته، ولم يلتفت وراءه، ولكنه قرأ معارضاً له على البديهة: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ ٦٠}⁣[الروم]، وهذا صبر عظيم وأناة عجيبة، وتوفيق بَيِّن.

وبهذا ونحوه استدل أصحابنا على حسن سياسته، وصحة تدبيره؛ لأن من مُنِيَ بهذه الرعية المختلفة الأهواء، وهذا الجيش العاصي له المتمرد عليه، ثم كَسَرَ بهم الأعداء، وقتل بهم الرؤساء، فليس يبلغ أحد في حسن السياسة مبلغه، ولا يقدر أحد قدره، وقد قال بعض أصحابنا: إن ذلك يجري مجرى =