كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الحكم في فدك]

صفحة 555 - الجزء 4

  فقال له: والله الذي لا إله إلا هو لولا أنه أول مقام قمته، ثم إني لم أكن تقدمت إليك في هذا قبل لأخذت الذي فيه عيناك، أبعد، وأقبل على الخطبة.

  فالجواب [المنصور بالله]: أن هذا الحديث منهار القواعد معدوم الشواهد؛ لأن أول خطبة خطبها أبو العباس إنما كانت في⁣(⁣١) الكوفة إن كنت تعلم كيف كان أمر الناس وإلا فاستعلم، ولم يستوطن الأنبار إلا بعد الفراغ من أمر مروان، فكيف تكون أول خطبة فلا عقل له ولا علم.

  وأما عمر وعثمان فهما على رأي أبي بكر، وأما علي فمتى فرغ لذلك؟ وهل بُلِيَ أحد بمثل ما بُلِي به، وقد قال: والله لو ثني لي الوسادة لقد غيرت أشياء، فلم تثن له - سلام الله عليه - بل قتل وقد برز للخروج إلى الشام والحرب قائمة على ساق.

  وعلى أنه ليس في إمساك علي # لذلك على حاله ما يقتضي أن عملهم كان صحيحاً، بل لما رجع الأمر إليه # لم يرد فدك عما أجروه عليه؛ لأنه # كان هو المستحق لغلته وأولاده في يده، يصرفه إلى حيث يشاء، وكان يصرف سائر ما يملكه إلى الفقراء، ولم يصوب أن يظهر للناس أنه نقض حكم أبي بكر لكثرة


= فدك: (سخت [عنها] نفوس قوم، ونعم الحكم اللَّه).

ثم كيف يخفى مثل هذا على السفاح حتى لم يمنعه من الفتك بالفاطمي إلا كونه أول مقام قامه؟ ثم كيف يخفي على الحاضرين أن ينبهوه فيقولوا: قد رجع الحق إليهم فما معنى: (أقام على ظلمكم؟!) أيظلم المرء نفسه وبَنِيْه برجوع الحق إليه؟ والمعلوم من حال بنيه أنهم يجيزون ما فعله، ولا يشاححون على قسطهم. كيف وما حمل أباهم على إبقائه على مجراه السابق فهو حامل لهما؟ ولذا قال علي: (لو قد استوت قدماي لغيرت أشياء)، وقال لقضاته: (اقضوا كما كنتم تقضون حتى يكون للناس جماعة الخ) تمت كاتبها.

والحديث عن الباقر وجوابه عمن سأله عن فعل علي # في سهم ذوي القربى، رواه أبو بكر الجوهري، وفي الجامع الكافي بسندهما إلى محمد بن إسحاق.

(١) فإن أول خطبة خطبها أبو العباس السفاح بالكوفة وذلك في سنة مائة واثنين وثلاثين وفي سنة مائة وخمسة وثلاثين تحول إلى الأنبار فيما قاله الواقدي وغيره في ذي الحجة، ذكر هذا في تاريخ الطبري. انتهى من التخريج إملاء مولانا شيخ الإسلام أيده الله.