[عودة إلى الحديث عن بيعة أبي بكر ودعوى الإجماع]
  ومن جهله الشنيع، وخطئه الفظيع؛ زعمه أن معنى هذه الأحاديث المنقطعة المتناقضة متواتر، ولعمر الله إنه لا خبرة له في هذا، ولا هو من أهل هذا الفن، والداخل فيما لا يحسنه ممقوت؛ ثم إن كان عنده علم فليبين لي ما المتواتر من الأخبار وما الآحاد، وما حدهما؟
  مَنْ تَحَلَّى بِغَيْرِ مَا هُوَ فِيْهِ ... فَضَحَتْهُ شَوَاهِدُ الإمْتِحَان
  فالجواب [المنصور بالله]:
  أما قوله: إنا قد بينا فضائح هذا الرجل فيما زعم من أحاديثه، وعرفناه اختلاطها ... إلى آخر وقاحته.
  فالجواب: أن استعمال الفضائح لا يحسن ذكرها هاهنا، ولا هذه سنة العلماء، إنما هي سنة السقاط والسفهاء، هذا لو كان في ذلك صادقاً، فكيف وما بيَّن شيئاً مما ادعاه، بل ذكر ما لا عبرة به، وقد ذكرنا الجواب عما يلزم الجواب عنه.
  فأما سفاهته ووقاحته فهو في ذلك وحيد وقته، فلا يجارى إلا بما يحسن من العلماء المكالمة به، وما أظن أنه اكتسب هذه الأذية وسوء الأدب والسب بغير ذنب إلا ممن هو من سقاط أهل جهته، وننزه عن ذلك أهل العلم من أهل نحلته وغيرهم.
  فقد رأينا وسمعنا أقوال العلماء وقرأنا كتبهم، فما أجاب أحد منهم بمثل أجوبته التي كشفت عن سوء أدبه، وخبث طريقته ومذهبه، وشدة بغضه وتعصبه، سيما على أهل بيت النبي ÷ الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً، وكان عوض التكذيب للأخبار ونسبتها إلى طريقة المطرفية، الكلام على متنها أو سندها فيحصل له الغرض، ويستعمل طريقة أهل العلم.
  وكذلك اقتصاره على قوله: إن موردها لا خبرة له بالأحاديث ولا معرفة بالأسانيد، حيث ذكر له وهو من أخذنا عنه ذلك أو أكثره، وقد عرف أن الغرض بقولنا أخذنا هو بطريق الرواية لا بطريق المباهتة والغصب، وهو إما بالقراءة منه علينا، أو منا عليه، أو بقراءة غيرنا عليه بحضرتنا، أو المناولة وأقلها