[ديباجة الكتاب]
  ربُّه فاعله، أو يُمدحُ بعمل ذو الجلال عاملُه؟! فانهزم من الكسب إلى غير فئة منيعة، ورام التحصن من البرهان بأخلاقه الرقيعة(١)، فكان كالباني على جرف هار، والهارب من الرمضاء إلى النار.
  وصلى الله على المبعوث من أطيب جرثومة(٢)، وأشرف أرومة(٣)، وأكرم خؤولة وعمومة، نبي الرحمة، سراج الظلمة، وأبي الطاهرين الأئمة، أيده الله بالأدلة الظاهرة، والمعجزات الباهرة، فبلغ الرسالة، وأوضح الدلالة، وطمس الجهالة، وأيقظ من الغفلة والسِّنَة، ودعا إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة، فكان أولُ من أجابه من الرجال ابنَ عمه، وكاشف كربه، وفارج همه، ليثَ دولته الواثب، ونجم دعوته الثاقب، وسيف صولته القاضب، وسهم نحلته الصائب، علي بن أبي طالب؛ فاستوزره وآخاه، وقربه واجتباه، فهو الوصي والوارث، والدافع للكارث.
  كان إذا ارتج العدو على الإسـ ... ـلام باباً دعاه يفتح به
  خليفة الله في بريَّته ... وهو شريك النبي في نسبه
  دون بني هاشم ودون ذوي الـ ... ـقربى إليه من عبد مطلبه
  نام على الفراش فادياً له بمهجته ليلة الغار، واستهدف للعبيط(٤) كما يستهدف جزور الأيسار(٥)، وتتابع بعد ذلك صالحو الأصحاب، عليهم رحمة رب الأرباب، ولكن أين القشْر(٦) من اللبّ، والصنو الشقيق من الحب(٧)،
(١) الرقاعة كسحابة: الحمق، والثوب حان له أن يرقع.
(٢) جرثومة الشيء: أصله.
(٣) الأرومة وتضم: الأصل، الجمع أُروم.
(٤) بالعين المهملة، يقال: عبط الذبيحة يعبطها: نحرها.
(٥) اليسر محركة: الميسر، والقوم المجتمعون على الميسر، والجمع أيسار، والياسر الجازر.
(٦) القِشر بالكسر: غشاء الشيء خِلْقَةً أو غرضاً، وكل ملبوس.
(٧) والحُبة بالضم: المحبوب.