فصل: في قول النبي ÷ لعلي (ع): «أنت مني بمنزلة هارون من موسى»
  لا يتسع لإيراد ذلك كله على التفصيل لأوردنا من ذلك ما يروي الغلة(١)، ويبري العلة، ويعقب البلة(٢)، إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، ويبعد الله كل مخالف مَرِيْد، صادف عن الحق عنيد.
  وقد كان مما ذكره مصنف الخارقة المذاهب وتعجبه لِمَ سمينا زيدية، وتعجيزه لنا بأن ذلك لا يصح لنا، وأنه الزيدي بزعمه، وقد بينا ذلك وأوضحناه في كتابنا بما يقف عليه هو وغيره مما لا يمكنه دفعه، وإن كانت مسألته هذه إحدى عجائبه، كقوله للشافعي: لم كنتَ شافعياً؟ فلا جواب له إلا اعتقادي لصحة ما هو عليه، واتباعي له فيما دلّني عليه مما به النجاة(٣).
(١) الغلة بالضم، والغلل محركة وكأمير: العطش، أو شدته، أو حرارة الجوف. انتهى من القاموس.
(٢) قال ¦ في التعليق: البِلة بالكسر: الخير والرزق، وجريان اللسان وفصاحته، تمت قاموس.
(٣) قد تقدّم في أثناء ما سبق الإشارة إلى حديث: «لأبعثنّ بالراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ..» الحديث، وهذا الحديث قاله النبي ÷ في غزوة خيبر وذلك أنه ÷ بعث بالراية أبا بكر فهُزم هو وأصحابه يجبّنهم ويجبّنونه، ثم بعث بها مع عمر فهُزم كذلك، ثم قال النبي ÷ ذلك الحديث، فدعا علياً # وبعث بها معه ففتح الله على يديْه، والحديث المذكور رواه البخاري في عدّة مواضع من صحيحه [منها برقم: ٣٠٠٩، ٣٧٠٢، ٤٢١٠]، ولا خلاف في صحّته، ويدلّ على كمال أمير المؤمنين # في الإيمان ورسوخه في التقوى والقطع على مغيبه الذي هو معنى العصمة، وفي الحديث دلالة عن طريق الإشارة والكناية على أن الذين حملوا الراية وهُزموا أن الله ورسوله لا يحبّهم ولا يحبّونه؛ لذلك فيكون علي # أفضل منهم عند الله تعالى. تمت من شيخنا السيد العلامة/ محمد بن عبدالله عوض المؤيدي حفظه الله تعالى.