كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

فصل: في قول النبي ÷ لعلي (ع): «أنت مني بمنزلة هارون من موسى»

صفحة 359 - الجزء 1

  ولنقتصر على هذا القدر من الأدلة الدالة على إمامته # وكونه منصوصاً عليه؛ ففيه كفاية لمن أنصف من نفسه، وإن كان ما ذكرناه في حقه # من النصوص وذكر فضائله في جنب ما لم نذكره مما لم يحط به صاحب الخارقة ومن تبعه علماً ولا قبلوه فهماً إنما هو عجالة من مستوفز، وقبس من مجتاز، ولمعة من بارق، ونبذة من طارق، وغَرْفَة من زخار، وصبابة من تيار، ولولا أن كتابنا هذا


= كوزارة هارون أخص من مطلق الوزارة فيهما يعني أبا بكر وعمر، ومن ثمة أخذ منها الشيعة أنها تفيد النص أنه الخليفة بعده، وهو كذلك لولا ما يأتي قريباً؛ وأراد بذلك قولهم: ولما كان هارون إنما كان خليفة في حياة موسى دل ذلك على تخصيص خلافة علي # بحياته، انتهى. وهذا لا يوجب التخصيص لما قام عليه البرهان.

ثم ذكر ابن حجر ما يؤيد معنى هذه الموازرة الخاصة من أن النبي ÷ آخاه دون غيره وأرسله مؤدياً لبراءة وأنه استخلفه بمكة عند الهجرة حتى أتاه بأهله بعد أداء ودائعه وقضى ما عليه، فهذه كلها مؤدية موازرة خاصة لم توجد في غيره، انتهى المراد من كلامه.

واعترف بهذا العلامة الطيبي وغيره قال ابن حجر العسقلاني في شرح البخاري: واستدل بحديث المنزلة على استحقاق علي ¥ للخلافة دون غيره من الصحابة وقال الطيبي: معنى الحديث: يتصل بي نازل مني منزلة هارون من موسى، وفيه تشبيه مبهم بينه بقوله إلا أنه لا نبي بعدي؛ فعرف أن الاتصال المذكور بينهما ليس من جهة النبوءة بل من جهة ما دونها وهو الخلافة، ولما كان هارون وهو المشبه به إنما كان خليفة في حياة موسى دل ذلك على تخصيص خلافة علي # للنبي ÷ بحياته، انتهى.

فتأمل هؤلاء العلماء لَمَّا قهرهم البرهان لم يجدوا بداً من القول به لكن مع دغل في النفوس بما زعموا من التخصيص؛ لأن النبي ÷ قال: «بعدي» وذلك يفيد بعد موته، ولأن طرؤ أمر على المشبه به لم يطرأ على المشبه مثله لا يضر، قال في فرائد اللآلئ ونقول: إنهم قد اعترفوا بما تمسكت به الشيعة وقرروه قال: لأن الحجة هو الخطاب ... إلى قوله: المعلوم أنه لو عاش هارون لكان خليفة موسى بلا نزاع، على أنا نقول: إن قوله «بعدي» يفيد تحقيق البعدية أن علياً # سيعيش بعده خليفة له وقائماً مقامه إلا أنه غير نبي فلما لم يستثن إلا النبوءة ثبت ما سواها من المنازل. انتهى المراد من لوامع الأنوار؛ نقل هذا عنها بإشراف تلميذه [السيد العلامة] الحسن بن محمد الفيشي - غفر الله لهما - بتصرّف واختصار.