كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[ذكر من قال بالعدل والتوحيد من خلفاء بني العباس]

صفحة 383 - الجزء 1

  متقدماً في علم التوحيد والعدل⁣(⁣١)، وكان لا يعدل بعمرو بن عبيد أحداً لقوله بالعدل والتوحيد، وله معه حديث.

  ومنهم: ولده المهدي، مشتهر بالعدل والتوحيد، وكذلك المأمون أبو العباس عبدالله بن هارون الملقب بالرشيد، وهو أكثرهم علماً بعد أبي جعفر، وله تصانيف منها: كتاب الرد على المانوية، وكتاب الرد على اليهود والنصارى؛ فأما المحاورات والمناظرات فلا تُحصى ولا تنحصر، ولولا ميلنا إلى التخفيف لذكرنا من ذلك جملة.

  ثم أخوه المعتصم، هو أبو إسحاق، وقضيته في مناظرة أحمد بن حنبل مشهورة مشهودة في القرآن، وأمر به فَضُرب، وكان لا يصدر ولا يورد في أغلب الأحوال إلا عن رأي أحمد بن أبي دؤاد، وكان أحمد بن أبي دؤاد من علماء المعتزلة، وممن بلغ الغاية في نفي أقوال أهل البدعة، والفرقة المتسمين بأهل السنة والجماعة، ولا ينكر ذلك أحد.

  والواثق أبو جعفر هارون بن محمد بن هارون، جمع بين المهابة والعلم في العدل والتوحيد، وله مواقف مشهودة، ومقامات محمودة، وقال في بعض أيامه ليحيى بن كامل: أرأيتَ لو مررتَ بمُقْعَد، فقلتَ له: قم فصلِّ، فقد تضايق وقت الصلاة، فقال: لا أقدر، أتصدّقه؟ قال: نعم، صدق ويُعْذَر، فقال: لو مررتَ بقاعد، فقلت له: قم فصلِّ، فقال: لا أستطيع. فقال: صدق ولا يعذر. قال الواثق: فإذا كانا صادقين فلم عذرتَ أحدهما دون الآخر؛ فانقطع.


(١) قال ¦ في التعليق: خلا أن خطبة أبي جعفر التي رواها الطبري في تاريخه عن إسماعيل بن إبراهيم الفهري تدل على أنه مجبري قال فيها: (أيها الناس إنما أنا سلطان الله في أرضه، وأنا خازن على فيئه، أعمل بمشيئته، وأقسمه فيكم بإرادته، وأعطيه بإذنه، قد جعلني الله عليه قفلاً إذا شاء أن يفتحني لإعطائكم وقسمة فيئكم وأرزاقكم فتحني، وإذا شاء أن يقفلني أقفلني ... إلخ).

فما أشبه خطبته بخطبة معاوية حيث قال: (إنما أنا خازن من خزان الله ... إلخ) التي اسْتُدِلَّ بها على أنه أول من سن الجبر، تمت.