[ذكر من صح عنه القول بالعدل والتوحيد من الفقهاء]
  من أهل البصرة، ومنهم: يحيى بن حمزة قاضي دمشق، وأقام قاضياً بدمشق نحواً من أربعين سنة، قضى من زمن أبي جعفر إلى سنة ثلاث ومائتين.
  ومنهم: البردعي، وهو الذي قرأ عليه الكرخي، ومنهم: أبو طاهر الرياش، وكان يدين بدين الذرية، ولا يتشدد فيه كما يتشدد من قدمنا.
  ومنهم: الشيخ أبو الحسن عبدالله بن الحسن الكرخي، وكان في العلم والزهد بمنزلة عظيمة، وكان لا يدخل بيتاً فيه مصحف إذا كان على غير طهارة تعظيماً له، وكان من أصحاب البربهاري، وهو من رجال الحنابلة، يودونه، فدخل دار السلطان مرة واحدة ثم لم يعد فهيب مكانه، فلما علم السلطان ذلك شتت من أصحاب البربهاري تلك الليلة قدر ثلاثمائة رجل نفياً وشَدْهاً(١)، ولما توفي حضر جنازته الأشراف على طبقاتهم، وفيهم من ذرية الرسول ÷ جماعة وافرة، وفيهم أبو عبدالله بن الداعي # ولم يكن أحد يُقْدِم على تقدمه في قول ولا فعل، وكان أبو تمام العباسي نقيب العباسيين يكره تقدم ابن الداعي لجلالة ذلك الأمر - وهو الصلاة عليه - لما بين الفاطمية والعباسية، فاحتال ودنى من أبي عبدالله بن الداعي وقال: أيها السيد إن هذا الشيخ قد مات وقد عرفتَ مذهبه في صلاة الجنائز، وقبيح أن يصلى عليه على غير مذهبه، فإن رأيتَ أن تكبر عليه أربعاً فافعل ذلك، فقال: أنا لا أكبر إلا خمساً، فمن شاء أن يتقدم فليتقدم، فحينئذ تقدم أبو تمام لهذا السبب، وكان خليفته الشيخ أبو بكر يرى برأي الذرية الطيبة في العدل.
  ومنهم: أبو بكر الرازي أحمد بن علي، لم يكن قبله ولا بعده في الفقهاء مثله ورعاً وتصنيفاً وزهداً، وحُمِل على أن يتولى القضاء فأبى ذلك أشد الإباء، وتُهدد فأبى، وله كتب كثيرة، وشرح كتب محمد بن الحسن، وكتاب الطحاوي في
(١) شَدَهَ رأسه كمنع: شدخه، وفلان أدهشه كأشدهه، والمشادِه: المشاغل، والاسم: الشَّدَه، ويحرك ويضم، وشُده كعُني دُهش وشُغل وحُيِّر. انتهى من القاموس.