[كلام بليغ للإمام (ع) في التبيين لفقيه الخارقة]
  ويحك من لك بنقص بيت عمره التنزيل، وخدمه جبريل، حازوا شرف الأبوّة، وفازوا بفضل النبوة، فخفض لهم محبّ جناح المودة ففاز وغنم، وشمخ بأنفه وثنى بعطفه منهم باغض فخسر وندم، وعلى معنى هذا وقعت دعوة إبراهيم # في قوله تعالى حاكياً عنه: {فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ}[إبراهيم: ٣٧]، فلو كنتَ من أهل تلك الأفئدة التي وقعت عليها الدعوة لاستحسنتَ ما استقبحتَ.
  أنشأتَ تميز معاني الكتاب، وتفرق فيه بين الخطأ والصواب، تحل فيه وتعقد، وتذكي وتخمد، وذلك أمر فرضه عنك محطوط، إنما هو على ورثته وتراجمته:
  تَصِفُ السيوف وغيركم يعصى بها ... يا ابن القيون وذاك فعل الصيقل(١)
  ولا تعجل على جاري عادتك في يعصى وتقول: هو يعصو، واسأل هناك من يعرف هذا الشأن، وقد كان الأولى أن تكون المناقصة بيننا وبين بني العباس أهل البيت كما ذكرتَ في رسالتك البديعة حقاً، وإن كانت بنو العباس منهم في صفوتهم فغيرهم ذرية رسول الله ÷ وسنبين لك أهل البيت حقاً بالأدلة التي يعقلها غيرك إن لم تعقلها، ويقبلها غيرك إن لم تقبلها، فقد كانت تحتمل لهم لمكانهم من الشرف، وإن كانوا يجلون عن الأذى، وقد رأيتَ إن كنتَ قد رأيتَ مناظرة يحيى بن عبدالله # وهارون المسمى بالرشيد، فلا تنكر المنافسة بين الأكفاء:
  أتهجوه ولستَ له بكفؤٍ ... فشرّكما لخيركما الفداء
  غيره:
  فإن حراماً أن أسبّ مقاعساً ... بآبائي الشم الكرام الخضارم(٢)
(١) قوله: يعصى كرضى ضرب بالعصا وبسيفه أخَذَهُ أخْذَها، أو ضَرَب به ضَرْبَهُ بِها، أو عصوت بالسيف وعصيت بالعصا، أو عكسه، أو كلاهما في كليهما. أفاده في القاموس.
(٢) قوله الخضارم: الخِضرم كزبرج: البئر الكثيرة الماء، والبحر الغطمطم، والكثير من كل شيء، =