كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[كلام بليغ للإمام (ع) في التبيين لفقيه الخارقة]

صفحة 417 - الجزء 1

  على غير نظامها، ومثل مقالته هذه قال أشباهه في الكتاب الكريم الذي نزل على جدّنا ÷ من فوق سبع سماوات، وحكى الحكيم سبحانه أنه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وأخبر بحفظه بقوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ٩}⁣[الحجر]، فذكر أشباهه أن فيه تكراراً، ومعاني مختلفة، ولحناً ظاهراً، ومنافرة بين فصوله، وما تركوا شيئاً من النقص حتى أضافوه إليه، فلم ينقصه ذلك، فمن الرقاعة الخارجة عن الحد إذ توهم أن أحداً ما يفي بحفظ القرآن إلا هو أو من هو في حيّزه، وقد نشره الله سبحانه وتعالى، وقوى الدواعي إليه، وألزم به الحجة حتى وصل في الغرب إلى نهاية السكن، وفي الشرق كذلك إلى السد، ولم يبق حيّز الكفر إلا في الجهة الجنوبية والشمالية بالهند والروم ومن صاقبهم، فما بلدة من بلادهم إلا وللإسلام فيها أثر، والكتاب الكريم فيها مستقر، فالحمد لله رب العالمين.

  وهبْ في تقريرك أن الحفظ انقطع عن هذه الجهة، أما ثمّة مصاحف يُرْجع إليها؟، وكيف يجهل الأمر أهله؟، ويحكَ، ففي بيت من نزل؟ ومن أين انتشر؟ وفي حجور مَنْ ربي؟ إلا في أهل التنزيل والتأويل، والتحريم والتحليل، ذرية إبراهيم، وزرع إسماعيل، وعترة محمد ÷.

  مَنْ أُلهموا غرائبه، وفهموا عجائبه، وعرفوا أوامره ونواهيه، ومجمله ومبيّنه، وخصوصه وعمومه، وناسخه ومنسوخه، ومحكمه ومتشابهه، ووعده ووعيده، وترغيبه وتهديده، ورسومه وحدوده، وأخباره وقصصه، وعزائمه ورخصه، ولفظه وإعرابه، وأمثاله وأبوابه، وما يجوز فيه وما لا يجوز، وما وجه الحكمة في إنزاله على ما أُنزل، وما المراد به، وما الواجب فيه وبه.

  فإن أحببتَ معرفة صحة دعوى هذه الجملة وصلتَ وسألتَ، وإن كنتَ قد عرفتَ استحالة هذه الدعوى وبطلانها بما أُلقي إليك من بغضة الآل، وأُلهمت من المحال، فما هي من أبي بكر ببكر، فإذا لم تستح فاصنع ما شئتَ.