[إسقاط الفضائل التي ذكرها الفقيه لمعاوية]
  وقد بينا مَنْ(١) أهل بيته - في كتابنا - المعصومين من الأدناس، المفضلين على الناس، فكيف ينبغي لمن له مسكة من عقل أن يقول لمن هذه حاله: خالفت أو وافقت.
  وقد جعل فقيه الخارقة مخالفتنا له جُرماً كبيراً لا تنفعنا معه ولادة النبوة، فليت أنه جعل خلاف معاوية لرسول الله ÷ في محاربة علي # وفي قوله: «الولد للفراش وللعاهر الحجر»، وفي تأخيره لولد رسول الله ÷ عن مقام الإمامة، وقد نص به الرسول ÷ نصاً صريحاً بقوله: «الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا، وأبوهما خير منهما(٢)» بمنزلة خلافنا له في مذهبه الخبيث الذي حمل فيه ذنبه على ربه، ونزّه منه نفسه الأمارة بالسوء والشيطان الرجيم، وأضاف كل قبيح وظلم وفاحشة وزنا وقيادة إلى رب العالمين، وأنه فاعل ذلك ومريده - تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً -.
  بل ليت أنه قبل منّا الدليل من الكتاب الكريم والسنة المعلومة الشريفة
(١) قوله: من أهل بيته: من: اسم استفهام مبتدأ، وأهل بيته: الخبر، والجملة في محل نصب على مفعولية بينا المعلقة عن العمل، وإن لم تكن فعلاً قلبياً، وقد سبق الكلام على مثل هذا مستوفى في فصل في معنى قوله تعالى: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}[الشورى: ٢٣]. تمت من الإمام الحجة/مجدالدين بن محمد بن منصور المؤيدي #.
(٢) هذا الخبر مشهور عند الأمة، ومتلقى بالقبول من جميع الطوائف إذْ الأمة بين عاملٍ به ومتأوّل له، ولم يصدر عن أحد من الأمة إنكاره أو رده أو تضعيفه. قال الإمام الحسن بن بدر الدين #: والعترة مجمعة على صحته، وقال: إنه مما ظهر واشتهر بين الأمة، وتلقته بالقبول ولا يجحده أحدٌ ممن يعوّل عليه من علماء الإسلام، بل هم بين عامل به، ومتأوّل له، وقال النجري: ويدل على إمامتهما الحديث المشهور المتلقى بالقبول - يعني هذا الحديث -. وقال القاضي أحمد بن يحيى حابس: وصحته إمّا لأنه متواتر على رأي أو متلقى بالقبول، ولأن العترة أجمعت على صحته.
وقال الإمام القاسم بن محمد (ع): إنه مُجْمع على صحته، قال الشرفي: لأنه متلقى بالقبول من الناس جميعاً، وقال الإمام عز الدين بن الحسن في المعراج: حكى الفقيه حميد إجماع العترة على صحته، قال: وقد ظهر بين الأمة، ولم يعلم من أحد إنكاره، انتهى. وقال الفقيه عبدالله بن زيد العنسي في المحجة: إنه مما ظهر واشتهر بين الأمة، وتلقته بالقبول، ولم ينكره أحد من المخالفين.