كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[مبايعة ابن عمر رجل الحجاج لعبد الملك بن مروان]

صفحة 479 - الجزء 1

  فهؤلاء أئمة الفقيه وأمثاله من علماء السوء، أئمة هدى لهم إلى النار، ولقد تبعهم بنو العباس في مثل ذلك، ويكرهنا أن يكونوا كذلك لأنهم قرابتنا ولحمتنا، ولهم من رسول الله ÷ قرابة قريبة والله المستعان، ولكن الحق أحق أن يتبع.

  ويزيد - لعنه الله تعالى - الذي نكَّت فم الحسين بن علي بالقضيب يقرع ثناياه،


= فتأمل كيف أورده ابن عمر مطلقاً يريد تثبيت إمارة يزيد لعنه الله، وأن ابن مطيع، ومن تابعه قد تعدوا ولاحجة لهم، وقد علم ابن عمر أن يزيد قتل الحسين وفعل كل طامة.

وكأنه لما كتب إلى يزيد، وأجابه بما ألقمه الحجر فنبهه على سيرة أبيه عمر تنبه لها.

ولِمَ لَمْ يدخل في بيعة من يدور معه الحق؟ وقد طلبه فأخلى رقبته عن بيعة إمام الحق.

وما باله ترك بيعة علي وجاء إلى الحجاج يبايع لعبد الملك، وروى له الحديث فقال له ياعبدالله إن يدي مشغولة وهذه رجلي وبايع رجله، ثم خرج واستنكر الحجاج ذلك منه، وتمنعه من بيعة علي، انتهى.

[مبايعة ابن عمر رِجْل الحجاج لعبد الملك بن مروان]

وإتيان ابن عمر إلى الحجاج ليبايعه لعبد الملك فاستخف به، ومدَّ له رجله رواه أبو القاسم محمد بن جعفر في كتاب إقرار الصحابة.

وقد روى عمار مرفوعاً في علي: «فمن لم ينصره فليس مني» وروى ابن عمر حديث: «من فارق علياً فقد فارقني». ولعمري لم يقل علي # فيه: ما زال أحمق إلا لمكانته في ذلك خلا أنها رويت توبته، تمت. قال علي # لابن عمر: (لولا أنك سيء الخلق في صغرك وكبرك ... إلخ) رواه أبو جعفر الطبري في تاريخه.

هذا، وروى الإمام زيد بن علي عن أبيه عن جده عن علي قال: (من مات وليس له إمام مات ميتة جاهلية إذا كان الإمام عدلاً براً تقياً) رواه في مجموعه #.

وروى زيد بن علي عن أبيه عن جده عن علي # قال: (حق على الإمام أن يحكم بما أنزل الله، وأن يعدل في الرعية، فإذا فعل ذلك فحق عليهم أن يسمعوا، وأن يطيعوا، وأن يجيبوا إذا دعوا وأيما إمام لم يحكم بما أنزل الله فلا طاعة له) انتهى من مجموع زيد بن علي #.

وذكر المسعودي في مروج الذهب أن ابن عمر امتنع من بيعة علي، ثم بايع آخراً للحجاج.

قال ابن عبد البر في كتاب الإستيعاب: قيل لنافع مابال ابن عمر بايع معاوية، ولم يبايع لعلي؟ قال: (لأنه لايعطي يداً في فرقة، ولايمنعها في جماعة) انتهى ما أردت نقله.

فانظر إلى مثل هذا القائل بهذا وأنه لايفرق بين الحق والباطل، ولم يدر أن الجماعة أهل الحق وإن قلوا، وأن الفرقة أهل الباطل وإن كثروا، خذلاناً نعوذ بالله منه.

وقد روى ابن عبد البر من طرق أن ابن عمر حين حضرته الوفاة [قال]: ما أجد في نفسي أني آسى على شيء فاتني من الدنيا، إلا أني لم أكن قاتلت الفئة الباغية مع علي بن أبي طالب. فأضعِفْ بها من توبة.