كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[تاريخ قيام الإمام زيد بن علي (ع) وعدد من بايعه]

صفحة 496 - الجزء 1

  هاشم الرماني، ومنصور بن المعتمر.

  ولما خرج # خرج معه القراء والفقهاء وأهل البصائر قدر خمسة آلاف رجل في زيّ لم ير الناس مثله، وتخلّف باقي الناس عنه، فقال: أين الناس؟ قالوا: احتبسوا في المسجد، فقال: لا يسعنا عند الله خذلانهم، فحمل حتى وصل إليهم، وأمرهم بالخروج فلم يفعلوا ولم يفلحوا، فقال نصر بن خزيمة: يا أهل الكوفة أخرجوا من الذل إلى العز وإلى خير الدنيا والآخرة، وأدخلوا الرايات عليهم من طاقات المسجد فلم ينجح ذلك فيهم شيئاً.

  وأقبلت جنود أهل الشام من تلقاء الحيرة⁣(⁣١) فحمل عليهم # كأنه الليث المغضب، فقتل منهم أكثر من ألفي قتيل بين الحيرة والكوفة، وأقام بين الحيرة والكوفة، ودخلت جنود الشام الكوفة، ففرّق أصحابه فرقتين: فرقة بإزاء أهل الكوفة، وفرقة بإزاء أهل الحيرة، ولم يزل أهل الكوفة يخرج الواحد منهم إلى أخيه، والمرأة إلى زوجها، والبنت إلى أبيها، والصديق إلى صديقه، فيبكي عليه حتى يرده؛ فأمسى # وقد رقّ عسكره، وخذله كثير ممن كان معه، وأهل الشام في اثني عشر ألفاً.

  وحاربهم # يوم الأربعاء ويوم الخميس، وحمل عليهم عشية الخميس، فقتل من فرسانهم زيادة على مائتي فارس، وأصيب # آخر يوم الجمعة بنشابة في جبينه فحُمل إلى دور أرحب وشاكر، وجيء بطبيب نزع النصل بعد أن عهد إلى ولده يحيى @ بجهاد الظالمين، ثم مات من ساعته، ودفن في مجرى ماء، وأُجري عليه الماء، فأبصرهم غلام سندي، فلما ظهر قتله وصاح صائح يوسف بن عمر بطلبه دلّ عليه، فصلبوه في الكناسة، وحرّقوه بعد ذلك، وخبطوه


(١) الحِيرة بالكسر: بلد قرب الكوفة، والنسبة حيرى وحاري، والحيرتان: الحيرة والكوفة. انتهى من القاموس.