[ذكر من بايع الإمام إبراهيم بن عبدالله (ع) وخرج معه]
  الحياة، قلت: فما منعك أنت من ذلك؟ قال: ودائع كانت للناس عندي.
  وسار بسيرة علي # وكان إذا أراد النزول من المنبر تلا: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ٢٨١}[البقرة]، وقال يوماً في آخر خطبته: اللهم إن ذكرتَ اليوم أبناء بآبائهم أو آباءً بأبنائهم فاذكرنا عندك بمحمد ÷ يا حافظ الآباء في الأبناء، والأبناء في الآباء، احفظ ذرية نبيك؛ فارتجّ المصلى بالبكاء.
  وقال في بعض خطبه: أيها الناس إني وجدتُ جميع ما تطلب العباد من جسيم الخير عند الله في ثلاث: في المنطق، والمنظر، والسكوت؛ فكل منطق ليس فيه ذكر فهو لغو، وكل سكوت ليس فيه فكر فهو سهو، وكل نظر ليس فيه اعتبار فهو غفلة؛ فطوبى لمن كان منطقه ذكراً، ونظره اعتباراً، وسكوته تفكّراً، ووسعه بيته، وبكى على خطيئته.
  وكان سائل الخدين، خفيف العارضين، أقنى الأنف، حسن الوجه، قد أثّر السجود في جبهته وأنفه، وكان تِلْو أخيه في العلم والدين والشجاعة.
  ومما رثى به أخاه النفس الزكية $:
  سأبكيك بالبيض الرقاق وبالقنا ... فإنَّ بها ما يدرك الطالب الوترا
  ولستُ كمن يبكي أخاه بعبرة ... يعصّرها من جفن مُقْلَتِه عَصْرا
  ولكنني أبكي عليك بغارةٍ ... أحرّق في قطري كتائبها جمرا
  وإنَّا لَقَومٌ لا تفيض دموعنا ... على هالك منا وإن قصم الظهرا
  ولما استفحل أمره دسّ المسمى بالمنصور أبا سيف مولى الجعفري ليتجسس له ويعرفه أحوال إبراهيم # فلما رجع إليه قال له أبو جعفر: كيف رأيتَ بشير(١) الرحال، ومطر الوراق؟ قال: رأيتهما يدخلان على إبراهيم وعليهما
(١) كذا في النسخ ولعله على لغة ربيعة في الوقف على المنصوب بلا ألف. انتهى.