كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[نسخة الأمان التي وجه بها يحيى بن عبدالله (ع)]

صفحة 597 - الجزء 1

  وإلا فعليه المشي إلى بيت الله الحرام حافياً راجلاً، وعليه المحرجات من الأيمان كلها، وأمير المؤمنين هارون بن محمد بن عبدالله خليع من إمرة المؤمنين والأمة من ولايته براء، ولا طاعة له في أعناقهم، والله عليه بما أكّد وجعل على نفسه في هذا الأمان كفيل، وكفى بالله شهيداً.

  وكتب يحيى # كتاباً آخر إلى الفضل بن يحيى، وأن هارون أمره بإعطائه الأمان وكتب بخطه وأشهد الألف والثلاثمائة رجل الذين شهدوا عليه بالزور.

  وأتى كتاب هارون وخطه بيده؛ فقال يحيى لجستان: هل بقي شك؟ قال: أرى أن تصالح ابن عمك. قال: قد فعلت.

  فلما انفصل يحيى # من ملك الديلم جستان تلقّاه الفضل بن يحيى وترجّل له وقبّل ركابه وذلك بمرأى من جستان، فندم جستان وحينئذ أخذ ينتف لحيته ويحثو التراب على رأسه تلهفاً وتحسراً، وعلم أنه قد خُدِع وضُيع، وإن كان الأمر قد وضح له لكنه مال إلى الطمع، ومساعدة زوجته الكافرة؛ فوثب عليه بنو عمه وقتلوه وملّكوا سواه من أهل بيت المملكة وخسر الدنيا والآخرة.

  وكان قد أسلم على يدي يحيى من الديلم جماعة وبنوا مسجداً، وقد كانت وصلت إلى يحيى جوائز وكرامات وألطاف وهدايا مع الأمان؛ فقدم يحيى بن عبدالله # مع الفضل بغداد، فلقيه الرشيد بكل ما أحبّ، وأمر له بمال كثير أربعمائة ألف دينار، وأجرى له رواتب سنية، وأنزله منزلاً سرياً⁣(⁣١) بعد أن أقام في منزل يحيى بن خالد أياماً، وكان يتولى أمره بنفسه تعظيماً له، ولا يَكِلُ ذلك إلى غيره.

  وأمر الناس بإتيانه بعد انتقاله من منزل يحيى والسلام عليه، وبلغ الرشيد الغاية في إكرام الفضل، فقال في ذلك مروان بن أبي حفصة:

  ظَفِرَتْ ولا شُلّت يد برمكية ... رتقت بها الفتق الذي بين هاشم


(١) أي شريفاً كريماً. انتهى من الإمام الحجة/مجدالدين بن محمد المؤيدي #.