كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[ذكر الوقعات التي دارت بين أبي السرايا والمسودة]

صفحة 640 - الجزء 1

  وأقيموا صفوفكم، فأقبل هرثمة فاقتتلوا قتالاً شديداً لم يسمع بمثله قط.

  ونظر أبو السرايا إلى روح بن الحجاج قد رجع فقال له: والله لئن رجعت لأضربن عنقك، فرجع يقاتل حتى قتل، وقتل يومئذ الحسن بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين $ بعد بلاء شديد، وقتل أبو كتلة غلام أبي السرايا.

  واشتد الحرب وكشف أبو السرايا رأسه وجعل يقول: يا أيها الناس صبر ساعة وثبات قليل فقد والله فشل القوم، ولم يبق إلا هزيمتهم، ثم حمل وخرج إليه قائد من قواد هرثمة وعليه الدرع والمغفر فتناوشا ساعة، ثم ضربه أبو السرايا ضربة على بيضته فقده نصفين حتى خالط السيف قربوس سرجه.

  وانهزمت المسودة هزيمة قبيحة، وتبعهم أهل الكوفة يقتلونهم كيف شاؤا، فنادى أبو السرايا: يا أهل الكوفة احذروا كرتهم بعد الفرة؛ فإن العجم قوم دهاة فلم يصغوا إلى قوله وتبعوهم.

  وقد كان هرثمة أسر في الهزيمة ولم يعلم أبو السرايا بأمره، والذي أسره بعد وقوعه من الفرس عبد سندي، وقد كان هرثمة خلَّف في عسكره عبدالله بن الوضاح في خمسة آلاف فارس، فلما حقت الهزيمة في عسكر المسودة واستحر القتل والأسر، وجعلت المسودة يقولون قتل الأمير - يعنون هرثمة - قال ابن الوضاح: فما يكون إذا قتل، وكشف رأسه وقال: إليّ يا أهل خراسان أنا عبيد الله بن الوضاح اثبتوا وكروا على القوم.

  وكان أهل الكوفة قد شغلهم الأسارى والغنائم، وانتقضت تعابيهم لذلك، فحملت عليهم المسودة فقتلوا من أهل الكوفة قتلاً ذريعاً وردوهم إلى صعنب ووجدوا هرثمة وعلى رأسه العبد السندي يحفظه فقتلوا العبد وفكوا أسر هرثمة وعاد إلى معسكره.

  فلم يزل الحرب بينهم مدة متراخية في كل يوم أو يومين وقعة، وهي تكون سجالاً، ثم إن أبا السرايا بعث علي بن محمد بن جعفر المعروف بالبصري في