كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[ذكر أيام الواثق ومن كان بإزائه من العترة الطاهرة (ع)]

صفحة 675 - الجزء 1

  الخارج بتاهرت السفلى، الغالب عليها وذريته إلى سنة تسعين ومائتين، وكان فاضلاً ورعاً عالماً كاملاً عادلاً، يقسم بالسوية، ويرفق بالرعية، متواضعاً يركب الحمار، ويطوف في الأسواق للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويحضر جنائز الأشراف.

  وكان الواثق أمثل القوم طريقة ولا سيما في السيرة والاعتقاد، ومعاملة العترة $ فإنه حمل من قدر عليه منهم إلى سر من رأى وأدرَّ عليهم الأرزاق الواسعة وسكن جانبهم باللطف بهم، وأحسن السيرة في الرعية، وإظهار شيء من العدل وحسن القول في باب الاعتقاد، والتشدد على أهل الجبر والقدر والإرجاء.

  وكان في باب اللهو والشرب واللعب على منهاج من سبقه من أهل بيته، وله الألحان المعروفة في الغناء بالواثقية، وهي العشرة المختارة من المائة التي كان المسمى بالرشيد اختارها.

  ولم يقتل في أيامه من أهل البيت $ إلا ما رواه محمد بن علي بن حمزة: أن علي بن محمد بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب $ قتل بالري في الوقعة التي كانت بين محمد بن ميكال ومحمد بن جعفر.

  ولم يزل الحال جميلاً وكثير من أهل البيت $ في حال الأنس في سر من رأى في غاية الجلالة إلى أيام المسمى المتوكل، وسنذكرها ببعض التفصيل.

  وكان الواثق مع الذي ذكرنا من تحليه بالصلاح له في الإقدام على المصادرات والتعذيب أمر عظيم، وكان يضرب ألف سوط ونحوها ويقتل في العذاب؛ فدفع أحمد بن إسرائيل ثمانين ألف دينار وضربه نحواً من ألف سوط، وأخذ من سليمان بن وهب أربعمائة ألف دينار، ومن الحسن بن وهب أربعة عشر ألفاً، ومن أحمد بن الخصيب وكتابه مائة ألف دينار، ومن إبراهيم بن رباح وكتابه مائة ألف دينار، ومن نجاح ستين ألف دينار، ومن أبي الوزير صلحاً مائة ألف وأربعين ألفاً؛ هذا سوى ما أخذ من العمال.

  وذكر مصنف أخبارهم أن السبب الباعث للواثق على مصادرة الكتاب