[التضييق على أهل البيت (ع) وخروج أبي عبدالله محمد بن صالح بن عبدالله]
  المتولي للموسم في جند كثيف فاستأمن له عمه وتأكد في الأمان وخدعه حتى قبضه وسلمه إليه فحمله إلى سر من رأى وحبسوه بها، فمما قال وهو في السجن:
  طرب الفؤاد وعاده أحزانه ... وتشعبت شعباً به أشجانه
  وبدا له من بعدما اندمل الهوى ... برق تتابع موهناً لمعانه
  يبدو كحاشية الرداء ودونه ... صعب الذرى متمنع أركانه
  فدنا لينظر أين لاح فلم يطق ... نظراً إليه ورده سجّانه
  فالنار ما اشتملت عليه ضلوعه ... والماء ما سفحت به أجفانه
  ثم استعاذ من القبيح ورده ... نحو العزاء عن الصبا إيقانه
  وبدا له أن الذي قد ناله ... ما كان قدره له ديانه
  حتى استقر ضميره وكأنما ... هَتك العلائق عامل وسنانه(١)
  يا قلب لا يذهب بحملك باخل ... بالنيل باذل تافه منانه
  يعد القضاء وليس ينجز موعداً ... ويكون قبل قضائه ليانه(٢)
  فاقنع بما قسم الإله فأمره ... ما لا يزال عن الفتى إتيانه
  فالبؤس فانٍ لا يدوم كما مضى ... عصر النعيم وزال عنك أوانه
  ومما قاله في السجن وذكر أبا الساج لأنه أخذ سيفه وتقلده وقال:
  ألم يحزنك يا دلفاً بأني ... سكنت مساكن الأموات حيا
  وأن حمائلي ونجاد سيفي ... علون مجدعاً أشراً سبيّا
  فقصرهن لما طلن حتى اسـ ... ـتوين عليه لا أمسى سويا
(١) عامل الرمح: صدره، والسنان: نصله، جمعه: أسنة. من إفادة القاموس.
(٢) ليانه: أي مطَّال لا يفي من لواه بدينه لَيّاً بالفتح، ولِيّاً ولِيّاناً بكسرهما: مطله.