كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الإمام عبدالله بن موسى (ع)]

صفحة 689 - الجزء 1

  أن كتاب الله يجمع كل شيء، فقرأته فإذا فيه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً}⁣[التوبة: ١٢٣]، فلم أدر من يلينا منهم، فأعدت النظر فوجدته يقول: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ}⁣[المجادلة: ٢٢]، فعلمت أن علي أن أبدأ بمن قرب مني.

  وتدبرت فإذا أنت أضر على الإسلام والمسلمين من كل عدو؛ لأن الكفار خرجوا منه وخالفوه فحذرهم الناس وقاتلوهم، وأنت دخلت فيه ظاهراً فأمنك الناس، وطفقت تنقض عراه عروة عروة، فأنت أشد أعداء الإسلام ضرراً عليه.

  ولما نعي للمتوكل عبدالله بن موسى بعد أربع عشرة ليلة من وفاته، ونعي إليه أحمد بن عيسى @ بمدة يسيرة اغتبط بوفاتهما واستر سروراً عظيماً.

  ومما كان عبدالله بن موسى # يكثر إنشاده:

  وإني لمرتاد جواداً وقاذف ... به وبنفسي العام إحدى المقاذف

  مخافة دنيا رثة أن تميلني ... كما مال فيها الخائن المتجانف⁣(⁣١)

  فيا رب إن حانت وفاتي فلا تكن ... على شرجع يعلى بخضر المطارف⁣(⁣٢)

  ولكن أحن حيني شهيداً بعصبة ... يصابون في فجّ من الأرض خائف⁣(⁣٣)

  إذا فارقوا دنياهمو فارقوا الأذى ... وعادوا إلى موعود ما في المصاحف


(١) في هذا البيت إقواء وهو سائغ كثير عند العرب.

(٢) شرجع: الشرجع كجعفر الطويل، والنعش أو الجنازة والسرير. المطارف: جمع مطرف كمكرم بفتح الراء: رداء من خز مربع ذو أعلام. انتهى أفاده القاموس.

(٣) حيني: الحين الهلاك والمحنة. انتهى من القاموس، وفي الصحاح: حان حينه أي قرب وقته، والحَين بالفتح: الهلاك.