[ذكر أيام المهتدي العباسي ومن بإزائه من أهل البيت (ع)]
[ذكر أيام المهتدي العباسي ومن بإزائه من أهل البيت (ع)]
  ثم تولى الأمر الملقب بالمهتدي وهو أبو عبدالله محمد بن هارون، وأمه رومية اسمها: قُرَّب. بويع له لليلة بقيت من رجب سنة خمس وخمسين ومائتين، وكان المعتز أول من بايعه وأظهر عفة وعدلاً وإن كان صالحهم غير صالح.
  قتل صالح بن وصيف وابن ميكال هؤلاء من خدامهم وأولياء دولتهم، وإن كان ارتكابهم للمعاصي قد جرأهم عليه.
  وقام في أيامه علي بن زيد بن الحسين بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب $ في الكوفة فبايعه نفر قليل من أهلها لما أصاب الناس في أيام يحيى بن عمر #؛ فوجه إليه المهتدي الشاه بن ميكال في عسكر ضخم وذلك قبل خروج الناجم بالبصرة.
  حكى محمد بن سليمان الكوفي قال: قال لي أبي: كنا مع علي بن زيد ونحن زهاء مائتي فارس نازلين ناحية من سواد الكوفة وقد بلغنا خبر الشاه بن ميكال فنحن منه فجيؤن وجلون(١) فقال لنا علي بن زيد: إن القوم لا يريدون غيري فاذهبوا فأنتم في حل من بيعتي، فقلنا: لا والله لا نفعل هذا أبداً؛ فأقمنا معه، ووافى الشاه بن ميكال في جيش عظيم لا يطاق، فدخلنا من الرعب أمر عظيم؛ فلما رأى ما لحقنا قال لنا: اثبتوا وانظروا ما أصنع؛ فثبتنا، وانتضى سيفه وقنّع فرسه وحمل في وسطهم يضربهم يميناً وشمالاً وأفرجوا له حتى صار خلفهم وعلا على تلعة ولوّح بسيفه إلينا، ثم حمل من خلفهم فأفرجوا له حتى عاد إلى موقفه.
  ثم قال لنا: ما تجزعون من مثل هؤلاء، ثم حمل ثانية ففعل مثل ذلك، ثم عاد إلينا، وحمل الثالثة وحملنا معه فهزمناهم أقبح هزيمة، وقتلنا منهم ما شئنا، وكانت هذه قضيته.
(١) في المقاتل: نجيون من المناجاة. أ. هـ.