كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[ذكر ما فعله المقتدر لما استقرت له الأمور]

صفحة 749 - الجزء 1

  أجلّة العباسية وأمراء الدولة، تشفع للوزير وتعقد إمارة الأمير.

  وقمرية الأكثمية المغنية كان لها جانب وسيع، وصوت رفيع، وأم القهرمانة العازلة للوزير علي بن عيسى من الوزارة وزيدان القهرمانة كان لها محل في السلطان لم يبلغه سواها.

  ومن عجائب أمورهم - وإن كانت كلها عجيبة - أنه قلد ولده المكنى أبا العباس أعمال الحرب بمصر وأعمال الغرب وله أربع سنين من مولده، واستخلف له مونس الخادم وكتبت عنه الكتب وإليه، فانظر إلى هذا اللعب بدين الله.

  وولى ابنه المسمى علياً الصِلات وأعمال الحرب والمعاون والأحداث بكور الري ونهاوند وقزوين وزنجان والهرم والطرم وكان يكافي على الفتح بالعزل وعلى الخروج عن الطاعة بعقد الولاية، وشرحه يطول وهو موجود في كتب سيرهم بحيث لا يناكر فيه أهل المعرفة.

  ومن ذلك أن أحمد بن كيغلغ لما استولى السكري الديلمي على أصبهان، وقهرها قهراً تاماً وتنزل أصحابه في المنازل ودخلوا في الحمامات كان السكري لاحقاً للمنهزمة فرأى جماعة فيها جماعة فيهم أحمد بن كيغلغ قدر ثلاثين فلحقهم وضايقهم إلى أنفسهم فعطف عليه أحمد وضربه بالسيف على هامته قدّ البيضة والمغفر وشق رأسه فصرعه وعطف على البلدة فانحل نظام أصحابه وقتلوا أقبح القتل، واسترجع البلدة وكتب بالفتح فكان جزاؤه أنه عزل من أصبهان في الحال بالمظفر ياقوت، وأمثال هذا كثيرة.

  فهل من كانت هذه حاله يكون خليفة للمسلمين أو مؤتمناً على دين رب العالمين؟! نبئوني بعلم إن كنتم صادقين.

  ولما قتل المقتدر على باب الشماسية وقد خرج لقتال مونس فاقتحم عليه الجيش فقتله رجل من الثوير وقطع رأسه وقلع ثيابه، فمر به رجل من الأكراد فستر سوأته بحشيش وحفر له ودفنه وعفى أثره.