كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الإمام المهدي لدين الله محمد بن الإمام الداعي الحسن بن القاسم (ع)]

صفحة 762 - الجزء 1

  وكان بارعاً في أصول الدين وفروعه، ومعقوله ومسموعه، وله فيه تصانيف لولا محبتنا الاختصار لذكرنا طرفاً منها، ولكن شهرته في ذلك عند أهل العلم تغني عن الإطناب في هذا الباب.

  وكان من شيوخه في أصول الفقه والكلام أبو الحسن الكرخي، وأبو عبدالله البصري، وتحرما بحمايته في بغداد وامتنعا عن حبرها وسوادها بجلالته # وبعد خروجه من بغداد أرادت العامة إيصال مكروه إليهما أو إلى أحدهما فبلغ ذلك معز الدولة فأنكره أشد الإنكار، واستعظم أن يصل إلى الشيخ أبي عبدالله شيء من المكروه.

  وقد رد أبا الحسن على أعظم الجلالة وأتم الصيانة، وبلغ في علم الأدب الغاية، وفي جميع الفنون، وكان أبو عبدالله البصري يأتيه إلى داره لمذاكرته ومراجعته في المسائل إجلالاً له، وكذلك من أخذ عنه العلم من العلماء.

  وكان - سلام الله عليه - يصل إليهم في أكثر الأحوال تواضعاً وتذللاً، وينسخ الكتب بيده، فيقال: أيها السيد غيرك يكفيك هذا فلا تتعب نفسك به فيقول: إنما أفعل ذلك مواساة لإخواني هؤلاء الذين يدرسون ويكتبون العلم، ولا أحد منهم يكتب مسألة غيره.

  وكان # يناظر أبا عبدالله البصري في المسائل التي تخالف فيها المعتزلة الزيدية، فقال أبو عبدالله ليلة وقد جرى ذكر الإمامة: إن قول العباس ¥ لعلي #: امدد يدك أبايعك دليل على العقد والاختيار.

  فقال #: هذه عليك لا لك، ألا ترى أن قوله: امدد يدك أبايعك دليل على أنه أراد العمل بمقتضى النص، ولم يقل اجتمع مع جماعة ونختارك ونعقد لك؛ فكان أبو عبدالله البصري يقول لأصحابه: لا تكلموا مع الشريف أبي عبدالله في مسألتين، في مسألة الإمامة، ومسألة سهم ذوي القربى؛ فإنه لا يحتمل ما سمع منكم في ذلك.