[الإمام المهدي لدين الله محمد بن الإمام الداعي الحسن بن القاسم (ع)]
  ولما استقر أمر معز الدولة ببغداد، وصفا له الملك جعل نقابة العلويين إلى محمد بن علي الكوكبي القمي، وكان فيه زعارة(١) وعنف، فشكاه العلوية مرة بعد أخرى إلى معز الدولة وسألوه إعفاءهم منه فإنهم قد تبرموا به، وهو يماطلهم فكان بآخره قال لهم: قد عزلته عنكم، فمن اخترتم وليته عليكم.
  قالوا: لا نختار إلا أبا عبدالله بن الحسن الداعي؛ فأكبر ذلك معز الدولة، وقال: لا اجتري على مشافهته بهذا فإني أكبره عنه، وأعلم أن مكان المطيع مكانه على أن ولاية نقابة العلويين أكبر الأعمال وأجلها.
  فتوصلوا وتلطفوا في ذلك فإن ساعد إليه فهو منية المتمني، أو قال ما هذا معناه، فتوصلوا إلى ذلك بأهل الفضل وكبار العلماء كأبي الحسن وأبي عبدالله ومن جانسهما من أهل الفضل فلما ذكروا ذلك بعد عنه غاية البعد، فتلطفوا به وأعلموه ما فيه من الثواب على أن هذه النقابة كانت من أجل عمل في الدولة العباسية، وذكروا له ما يصل إلى آل رسول الله ÷ بذلك من النفع ويتوفر لهم من الأموال.
  فقال: لا أفعل ذلك إلا بشروط؛ منها: أني لا أدخل إلى المطيع كما جرت عادة من دخل إليهم من الخضوع لهم.
  ومنها: أني لا أقبل لهم خِلعة(٢) ولا ألبسها؛ لأنهم يخلعون السواد على من تولى الأعمال الجليلة؛ فأجابوه إلى ذلك.
  وخرج قواد السلطان والأمراء إلى خدمته، وحمل إليه معز الدولة خلع بياض ولم تجر عادتهم بذلك إلى يومنا هذا. وأقام في بغداد مدة في نهاية الإعظام، ووصل إلى العلوية ببركته من الخيرات ما لم يكن لهم في حساب.
(١) الزعارة وتخفف الراء: الشراسة. انتهى من القاموس إملاء الإمام الحجة/مجدالدين المؤيدي #.
(٢) خلع عليه إذا نزع ثوبه وطرحه عليه وكساه، الخِلعة والخِلع بكسر. انتهى من الأساس بكسر الخاء المعجمة فيهما. انتهى من الإمام الحجة/مجدالدين بن محمد المؤيدي #.