[ذكر أيام المسترشد بالله العباسي ومن كان بإزائه من أهل البيت (ع)]
[ذكر أيام المسترشد بالله العباسي ومن كان بإزائه من أهل البيت (ع)]
  ولما توفي المستظهر ليلة الخميس لست ليال بقين من شهر ربيع الآخر سنة اثنتي عشرة وخمسمائة سنة قام بالأمر بعده ولده المفضل المكنى أبا منصور ولقب بالمسترشد بالله.
  بويع له في الليلة التي توفي فيها والده وهم لا ينتظرون في الخلافة الأمور الدينية، إنما يرجعون بذلك إلى قوة المدعي للخلافة بنفسه ومساعدة الأتباع أو لهوى الوزراء والحاشية وأمراء الأجناد فيه أو لغرض يرجع إليهم في نصبه كأن يخافوا من غيره ما لا يخافون منه، وإنما سلكوا بذلك مسلك العجم في نصب واحد في إثر واحد من أهل بيت المملكة.
  ولقد كانت الأعاجم أثقب نظراً لنفسها وربما اختبروا من ملكوه في عقله وسياسته وعدله وهديه بعض الاختبار فجاؤا أمثل حالاً ممن ينتحل الإسلام.
  وسلك مسلك من تقدمه في الانهماك في اللذات وارتكاب المحرمات.
[الإمام أبو طالب يحيى بن أحمد (ع)]
  وكان في أيامه الإمام أبو طالب: يحيى بن أحمد بن الأمير أبي القاسم(١) بن الإمام المؤيد بالله $ وقام بالجيل والديلم بعد جمعه لخصال الإمامة وإحراز فنون الزعامة، وأطبق عليه العلماء والسادة بعد أن ناظروه شهراً فوجدوه جامعاً لخصال الإمامة، وله مع ذلك معرفة بالطب والحساب، وسائر العلوم الخارجة عن باب الحاجة إلى الإمامة، وكانت تلقى عليه المسائل المشكلة فيجيب عنها بأحسن جواب.
  وكان جلّ حربه مع الباطنية قتل منهم في يوم واحد ألفاً وأربعمائة، وأخذ من قلاعهم ثماني وثلاثين قلعة وافتتح من بلادهم مسيرة اثنتي عشرة ليلة من كل الجهات الأربع، وحاصر قلعة ابن صباح وبنى عليها أربع مدن.
  وكانت حاشيته وأعوانه من أهل البصيرة والمعرفة والتلامذة الأتباع اثني عشر ألفاً على مذهب الهادي # سوى الأتباع من العوام.
(١) اسمه الحسين. تمت.