[ذكر أيام المسترشد بالله العباسي ومن كان بإزائه من أهل البيت (ع)]
  ظهرت دعوته في عمان وأطاع له صاحبها وكان رجلاً زيدياً ملك عمان والغالب على بلاده الخوارج، وظهرت دعوته في اليمن وكانت أُنْفِذَت إلى جدنا الشريف الفاضل الزاهد العالم علي بن حمزة بن أبي هاشم، فلم يقم بها لا لشك في إمامته ولا تقاعد عن نصرته، ولكن لمعرفته بأمر أهل البلاد، وخبرته بأحوالهم، فقد كانوا بايعوه وحارب بهم مدة فلم يحمد طرائقهم.
  وأنفذت إلى الأمير الأجل المحسن بن الحسن بن الناصر بن الحسن بن عبدالله بن محمد بن المختار بن الناصر بن الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين $ فقام بها أحسن قيام، ونفذت أوامره في صعدة ونجران والجوفين والظواهر ومصانع حمير.
  وقد كان الإمام(١) # أنفذ خمسمائة مقاتل إلى عمان ليأتوا من طريق المشرق وجهزهم بزيادة على عشرين ألفاً فوصلوا عمان، ولم يتأت لهم وصول اليمن.
  وكان له من الهيبة ما لم يكن لأحد من قبله، وكان يثب من الأرض إلى ظهر الفرس عند الحاجة، وكان يأمر بضرب الطبول والأبواق لاجتماع الناس وللبشارات، وقبضت البيعة بالحرمين الشريفين وكثير من البلدان.
  وكانت خزائنه تحتوي من الكتب على اثني عشر ألف مجلد، وكان أكثر حربه وشغله # مدة أيامه بحرب الملاحدة، وغزا في البحر والبر، ورجفت منه قلوب الظالمين في جميع الأقطار مدة حياته #.
  وكانت ملوك بني العباس تعظمه الإعظام الذي لا مزيد عليه مع الخوف الشديد من جانبه، وتمده على حرب الملاحدة. فلم يزل ذلك دأبه حتى مضى لحال سبيله مرضياً عنه مقبولاً عمله وقد أدى ما عليه لربه.
  فهذه صفة أئمة الهدى فيما نعلمه.
(١) دعا # سنة خمسمائة وتوفي سنة عشرين وخمسمائة. تمت من الإمام الحجة/مجدالدين بن محمد المؤيدي #.