[الإمام المتوكل على الرحمن أحمد بن سليمان (ع)]
  من الرواة ما مثاله يتفق على المعنى، وإن اختلف اللفظ: أن الإمام # لما خرج لحرب صعدة لما نكث أهلها أيمانهم ونقضوا عهودهم في عسكر عظيم من همدان وخولان حكى مصنف سيرته وكان ثقة أن العسكر كان عشرين ألفاً بين فارس وراجل.
  فلما علم أهل صعدة بإقبال الجنود كبسوا الآبار وتركوا في بعضها الجيف، فأشفقت جنود الإمام من الظمأ ففزع إلى الله ودعا إليه بالغياث، فأنشأ الله سحابة وكان ذلك الوقت حزيران فمطرت مطراً لا يظن في مثله أنه يسيل، وعسكره بإزاء المكان ما كاد يصلهم إلا الشفآن.
  فما شعر الإمام حتى أتاه البشير يعلمه بنزول سيل عظيم حتى أحاط بمدينة صعدة وبإزائه حفائر عظيمة يجاوز بعضها حد البرك الواسعة فامتلأت ماء قراحاً عذباً سمهجاً، وكان فيه شيء من البَرَد فصار يشبه ماء الثلج.
  فتقدم بعساكره المنصورة فحارب مدينة صعدة فقهرها وأخذها عنوة وتغنمت الجنود منها أموالاً جليلة وخربها وما زال ذلك العسكر على عظمه مستريحاً في تلك المياة العذبة الهنية مدة إقامتها.
  وحكى الشيخ الأجل الفاضل محيي الدين عمدة الموحدين محمد بن أحمد بن الوليد - أيده الله تعالى - أنه سمع حكاية السيل من لسان الإمام المتوكل على الله # بمدينة صنعاء، وأنه ابتدأ حكاية ما أنعم الله تعالى به عليه من ذلك بقول الله تعالى: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ١١}[الضحى]، ثم استقبل يقول: من نعم الله تعالى علينا كذا وكذا.
  فظهرت لنا دلائل إمامته، ونطقت شواهد فضله وبركته، ولو رمنا استقصاء ما ورد في هذا الباب لأفضينا إلى الإطناب، وفيما تقدم كفاية لمن كان له قلب سديد، أو ألقى السمع وهو شهيد.
  فأي الإمامين يا فقيه الخارقة أنت وأتباعك تراه أولى بالإمامة وأجدر بالزعامة على الخاصة والعامة؟ نبئوني بعلم إن كنتم صادقين.