[ذكر أيام الناصر العباسي وقيام الإمام المنصور بالله (ع)]
  فتأمل ذلك بعين البصيرة، هل يعلم هذا من آحاد الناس يقدم على مثل هذا فيعد في زمرة المسلمين أو يعزى إلى أهل الدين.
  ومن ذلك: أنه لا يعرف من خاصته ومجالسيه كبير سن، ولا كبير قدر إلا رجلان أحدهما اليهودي الطبيب، والآخر العبد الحبشي الذي يقال له الشرابي، والباقي غلمان صغار مرد؛ فمن كَبُر نقله إلى الإمارة أو الجندية.
  وجوارٍ صغار في شبههم وربما زياهن في بعض الحالات بزي الغلمان والكل لما لا يرضي الله سبحانه وتعالى.
  وكان مفتوناً بسنجر فتنة ظاهرة فمن قول صبيان بغداد: الجوز والسكر، وانجر على سنجر طيب على طيب، والخليفة بذاك أخبر.
  وخالف عليه تيسير فظهر عليه الخادم الشرابي وجاء به إلى بغداد، فذكر الخليفة له قدم الإلفة فعفى عنه وأمره على الكوفة.
  وحكى لي من أثق بسنده إلى ثقة كان من خواصه في حال شبيبته ثم أقلع وتاب: أن الخليفة كان قد اختص به في حال حداثته وكان يقيم معه الشهرين والثلاثة في الشرب واللعب واللهو فلا يسمع للصلاة ذكراً في أوقاتها فضلاً عن القيام بها.
  وذكر أنه ما كان معهم أكثر من ثلاثة غلمان مدة إقامته، ولا شك أن الرجل إمامي المذهب وهو يتستر من العامة بأنه على مذهب الجبر والتشبيه لتغليظ سواد أتباعه، وتلك سبيل من تقدمه محاولة الملك بأي أمر اتفق من رشاد أو ضلال.
  وأي الفريقين التجأ إليهما فقد التجأ إلى غير حصين واستكن بغير كنين، وذبح نفسه بغير سكين؛ لأن الحق دين محمد وهو ما عليه آل محمد ÷ وقد ورد بذلك النص من الكتاب والسنة، ونفى الله سبحانه أن ينال عهده الظالمين.
  فحكم به لهم علماء السوء وأمة الضلال المصوّبي(١) خلاف الوصي،
(١) هكذا في النسخ ووجهه النصب على الذم أي أذم. انتهى من الإمام الحجة/مجدالدين بن محمد المؤيدي #.