كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[ذكر أيام الناصر العباسي وقيام الإمام المنصور بالله (ع)]

صفحة 811 - الجزء 1

  وسطه بالسيف فقطعه باثنين، فجعل نصفه مما يوالي جامع فخر الدولة، والنصف الثاني مما يوالي المدرسة النظامية.

  وفي تلك الليلة قتل ابن الكرخي لأنه بالغ في الكلام، وقتل مغنيين اثنين في تلك الليلة لا يدرى أجرمهما تعذر إجادة الغناء أم غير ذلك.

  وزال في تلك الليلة عقل سرحوكة بنت فليح بن سلان فزعاً؛ فأقامت يومين وماتت، وسرحوكة هذه زوجة له بزعمه أخذها من زوجها عماد الدين غصباً لما مر بها يريد الحج وحكي له جمالها ووطئها حراماً، وهذا ظاهر لا نزاع فيه في تلك الجهات.

  ولما أقدم على هذه العظائم دخل عليه ابن الجوزي ووعظه وذكره بالله تعالى لما عظم الأمر في قتله من قتل وتولى ذلك بنفسه وفي أمرها؛ لأن من الناس من ظن أنه قتلها وكان زوجها صاحب آمد وحصن كيفا فأخذها غصباً وزُوْجُها باق ببلد عن غير طلاق، وهذا أمر مشهور.

  وكان من كلمه في أمرها أهلكه أو حبسه، وكان من جملة من حبسه ابن النابة شرف الدين جاءه رسولاً من صلاح الدين ينكر عليه أخذ سرحوكة فحبسه.

  ولما ماتت خرب البستان الذي أنفق في عمارته ثلاثين ألفاً من المثاقيل جزعاً عليها؛ فأتاه ابن الجوزي وعزاه ووعظه؛ فأظهر توبة أخرى، وبعد ذلك نكثها.

  وصار يطوف بغداد ويشرب مع من شرب ويقتل من وجده ينكر ذلك من الفقهاء، وهذا كله إلى سنة تسعين وخمسمائة، وبعد ذلك فعل أفعالاً عظيمة في المعاصي يطول شرحها ولا يحتمل الكتاب ذكرها.

  وعقد الولاية لولده من غير بصيرة، وعزله من غير لزوم حجة، فاعجب من أمر متابعه من الأمة وأمر من يحج عنه، وحلق رأسه وأمر بشعره في محمل فوقف به في المشاعر وعند الجمار وفي كل مقام وزعم أنه قد حج، وهذا كله خلاف شرع الإسلام.