[6] [سوء الظن بالله تعالى]
  شك أن كل مذهب أو قول أغرى العباد بمعاصي الله ورخص فيها كان اعتقاده حراماً، والإصغاء إلى استماعه ربما يدعوا إلى اعتقاده؛ فوقع النهي لمجالسة أهله.
[٤] [الصرف عن طاعة الله]
  ورابعها: أنهم متى قالوا: إن هذه الطاعات ليست من فعل العباد وإنما هي من الله خلقها فيهم، وسمع ذلك من جالسهم من العامة مع ما يعلمه من مشقة الطاعة، وأنها كريهة على النفس؛ فإنه لا يعزم على تحمل مشقتها ولا يوطن نفسه على الصبر على كلفتها، بل يقول: إذا كانت هذه الأفعال من الله فمتى خلقها فيّ وُجِدَت ومتى لم يخلقها فيّ لم توجد، فلا معنى لعزمي عليها ولا لمجاهدتي نفسي فيها؛ فتكون مجالستهم من أعظم الصوارف عن طاعة الله تعالى، كما أنها أعظم الدواعي إلى معصيته؛ فصارت لذلك مجالستهم أضر على الإنسان من تناول السموم المهلكة.
[٥] [الإصرار على المعصية]
  وخامسها: أن من جالسهم من العصاة الذين مردوا على المعاصي وسمع عمن يدعي العلم، ويتزيا بالفقه، ويُنسب إلى الصلاح، ويُلَبِّس بأحواله على عوام الخلق أن هذه المعاصي من الله تعالى لا من العصاة، وثبت ذلك في نفسه لم تصح له توبة منها أصلاً؛ لأن أحد شرائطها الاعتراف بالذنب كما قال تعالى: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ}[التوبة: ١٠٢]، ولا إشكال أن الاعتراف هو قول الجاني: جنيت أو أسأت أو أذنبت فاعذرني واغفر لي، وذلك لا يصح ممن يزعم أن جميع المعاصي من الله؛ فتكون مجالستهم سادة لباب التوبة.
[٦] [سوء الظن بالله تعالى]
  وسادسها: أن مجالستهم مجلبة لسوء الظن بالله تعالى، ولا شك أن سوء الظن به سبحانه مهواة من مهاوي الهلاك كما قال تعالى: {الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ} ... الآية [الفتح: ٦].