كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[صلاة فقيه الخارقة وثناؤه على الخليفة العباسي والرد على ذلك]

صفحة 102 - الجزء 2

  هنالك واسألهم عن سنجر وعن الجر، وعن الجوز والسكر.

  فأما ما يتعلق بظاهر السيرة، فإنما هي سيرة الجبارين المتكبرين، العتاة المتمردين، لا يرجون لله وقاراً، ولا يعرفون لله أنصاراً، ولا يرعون للإسلام حرمة، ولا يرقبون في مؤمن إلاًّ ولا ذمة، وأقرب الحرمات إليه حرمة والديه وقد أمر الله بحسن معاشرتهما وإن كانا على الكفر، وحسن صحبتهما، فقال لا شريك له: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا}⁣[لقمان: ١٥]، فاسأل خبيراً أيها الفقيه من أغلق على أبيه الحَمَّام حتى ذاق الحِمَام، وتجرع الموت الزؤام؟ وهذه منكرة أفلا تنكرها؟ ومستكبرة أفلا تستكبرها؟ ولئن نازعت في ذلك فهل تنازع في ظهور المنكرات في دار هجرته وفي عساكره وأجناده؟ بحيث لا يمكن كتمانه ولا جحدانه، وَتَبَصَّرْ في دينك فإنك مسؤول، {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ١٨}⁣[ق]، وإن كان الأمثال لك في الشهادة كثيراً ممن ينتحل العلم كالألف والسبعمائة من الري وقزوين وأصفهان وجرجان والطالقان وسائر كور خراسان الذين شهدوا على يحيى بن عبدالله # بأنه ليس من ذرية رسول الله ÷ بل هو عبد لهارون الرشيد، وكانت شهادتهم لملك الديلم جستان، ولكن ليس في الخطأ أسوة وإن كثر عاملوه، ولا مع الحق وحشة وإن قلّ قائلوه، فانظر لنفسك نظراً يخلصك عند الله غداً، ويسترك من فضوح الآخرة والدنيا، فأنت من النص على إمامك الصوام القوام! بزعمك كالمقاتل إلى غير فئة تمنعه، واللاجئ إلى غير حصن حصين يعصمه، ولو كررت الشهادة فضحتك الدهماء ممن له معرفة به، فلا يؤنسك ويقوي خاطرك إلا من قلدك أو قلد مثلك، فراجع نفسك ولا تنظر إلى غيرك فهو لا يقبر معك، فلا يؤنسك في الوحدة إلا عملك، فإن كنت قلت ما قلت بعلم فقد أحرزت رشدك، ولكن العلم لا يتنافى، وإن قلت بغير علم فقد قال تعالى: {إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ٨٦}⁣[الزخرف]، {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}⁣[الإسراء: ٣٦].