[صلاة فقيه الخارقة وثناؤه على الخليفة العباسي والرد على ذلك]
  الإمام عالماً ورعاً سخياً شجاعاً فاضلاً سائساً ضابطاً قوياً على تدبير الأمر زاهداً، ولا بد من اعتبار هذه الشرائط في إمامك الصوام القوام! إن صح كون الإمامة في قريش، وهذا أمر فيه النزاع، وقد قام الدليل على خلاف رسالته، فاسأل إمامك عن غوامض العلوم الذي تحتاج إليه الأمة؛ ليتميز لك الصفر من النضار، ولعلك لو بحثته عن ذلك لما وجدت من عنده إلا معرفة أحكام العيدان والأوتار، ولم تؤت الأمة ولا بليت العترة إلا بمثلك أيها الفقيه وأمثالك في جميع الأعصار من منتحلي العلم، ومدعي الفهم الذين يشهدون لهم في الجمعات والأعياد على رؤوس الأشهاد بالزور، وهم منهمكون في الفجور، لعله عندما صدَّرْتَ: «الصوام القوام» لا يدري أفي ليل هو أو نهار؟ من سكر العقار، أو ثمل الخمار:
  يشربها صرفاً وممزوجة ... بالسخن أحياناً والفَاتِر
  أفلا يستحيون من الله ولا يستحيون من رسول الله ÷؟! فبئس ما خلفتموه في كتاب ربه، وبئس ما خلفتموه في ذريته، ولسنا نقول إن ذلك لطالب عاجل الدنيا؛ لأنه قد يغالي في ذلك من لا ينالها منهم، ولكنها شقاوة نعوذ بالله منها.
  وأما العدل الذي حكاه عنه، فدليله ظاهر في خراب البلاد، وهلاك العباد، ومصادرات الأغنياء وتعذيبهم بأنواع العذاب، ومنع الناس في دار هجرته بغداد من إصلاح منازلهم إلا بشيء من المال يسلم إلى الإمام.
  فأما إنصاف المظلوم من الظالم، فليت أنه أنصف من نفسه، وكف سيفه من ضعفة رعيته، وإلا فهو متمكن من سفك الدماء غيره، بل سيفه لا يزال رطباً من دماء ضعفة المسلمين في أزقة مدينته، وأكثر قتله لمن يقول: من هذا؟ إذا سار لقضاء بعض مآربه متشبهاً ببعض مماليكه.
  أما أهل بغداد، فلا شك عندهم في ذلك، وقد وليناهم منازعة الفقيه فيما