كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الكلام على الفقيه في معنى الظلم وممن يقبح؟]

صفحة 111 - الجزء 2

  منتظمة لكل واحد من الطرفين، ارتفعت عن تقصير الجبرية، وانحطت عن غلو القدرية؛ فوافقت قوله ÷: «دين الله ما بين الغالي والمقصر»، وقوله ÷: «خيار الأمور أوسطها»، وأن مذهبهم هو الأوسط القويم، وقد صدق من قال: كلا طرفي قصد الأمور ذميم.

  فالكلام على ذلك:

  أما قوله: «ونقول أيضاً: الظلم والجور لا يتصور من الله تعالى في خلقه؛ لأنه ليس فوقه أحد يحده له فيكون بمجاوزته ما يحده له ظالماً».

  فالجواب: أَنَّا قد بينا أن حَدَّ الظلم هو: الضرر العاري عن جلب نفع إلى المضرور بأعظم منه، أو دفع ضرر أعظم منه، أو استحقاق بسبب من جهته، أو الظن للوجهين المتقدمين أو أحدهما، ولا يكون في الحكم كأنه من جهة المضرور (ولا يكون في الحكم كأنه من جهة غير فاعل الضرر⁣(⁣١))، وبينا وجوه الاحترازات، ومثال ذلك ما ذكرناه، وثبت أن الظلم قبيح، وإنما قبح لكونه


(١) وذلك كمن حاول قتل غيره أو أخذ ماله، فقتله مدافعة؛ فإن العمد النازل به يكون في الحكم كأنه من جهته؛ فلا يكون ظلماً.

وقوله: ولا يكون في الحكم كأنه من جهة غير فاعل الضرر، وذلك كمن ألقى صبياً أو نحوه في النار فمات؛ فإن الإحراق والإماتة الذين هما من الله سبحانه لا يكونان ظلماً؛ لأنهما في الحكم كأنهما من غير فاعلهما وهو الله سبحانه بل هما في الحكم كأنهما من الملقي له في النار.

وعند التحقيق ليس هذان الشرطان بلازمين؛ لأن الأول مستحق للقتل حيث لم يندفع إلا به، والثاني هو في الحكم من فاعل الإلقاء. وقد أفاد ذلك الإمام مانكديم في شرح الأصول الخمسة فقال: ولو قلنا إن الشرط الثاني يكون في الحكم كأنه من جهة المضرور به داخل فيما تقدم؛ لأن المدفوع مستحق أن يدفع بما أمكن فلو جعلته تحت الشرط الأخير لصح أيضاً؛ لأن قتله في الحكم كأنه من جهة غير فاعل الضرر، وقد أورد كلام الإمام مانكديم الإمام عز الدين بن الحسن $ في المعراج، ولعل الإمام # لحظ لهذا حيث لم يذكر هذين الشرطين فيما تقدم من حد الظلم لا سيما وقد قال: لأن حد الظلم في صحيح العبارة ... إلى آخره؛ فتأمل، والله الموفق. تمت من الإمام الحجة/مجدالدين بن محمد المؤيدي #.