كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[إلزام الفقيه الرجوع عن مذهبه]

صفحة 112 - الجزء 2

  ظلماً، وأن حكمه لا يختلف بحسب اختلاف الفاعلين⁣(⁣١)؛ فلا وجه لإعادته.

  وبينا أنه لا يجوز أن يحدَّ الظلم بأنه ما صدر من جهة من حُدت له الحدود؛ لأنه يعرفه سائر العقلاء، ولأنه كان يجب أن يقبح سائر الأفعال من المخلوقين؛ لأن الحدود متعلقة بسائر الأفعال الحسن منها والقبيح؛ فلو قبح بعضها لأنه صدر ممن حدت له الحدود لقبح سائرها، وهذا ما لا يقول به عاقل، ولأن الحد والمحدود عبارتان يستفاد بإحداهما ما يستفاد بالأخرى؛ لأنه تفسير لفظ مشكل بلفظ واضح، فكان يجب فيمن علم أحدهما أن يعلم الآخر.

  ومعلوم أنه يعرف هذه القبائح قبيحة من لا يعرف حدها ولا يخطر له على بال، بل من ينفي الصانع أصلاً كما قدمنا، وكان يجب على ما ألزمناهم أن لا يعرف حسن فعل من الأفعال، ومتى لم يعرف ذلك لم يجب شكر منعم في الشاهد، ولا يقع الفصل بين المحسن والمسيء، ولا يحسن الأمر ببعض الأفعال، والنهي عن بعضها على هذا الحد الموضوع؛ لأن الكل منها صادر عمن حدت له الحدود.

  وأما الحد الثاني: وهو قوله: «ولا يتصرف في ملك غيره فيكون جائراً».


(١) قال ¦ في التعليق: ولذا تمدح الله تعالى بأنها لا تظلم نفس شيئاً، ولا يظلم مثقال ذرة، وقد فسر الفقيه الظلم في الآيات فيما يأتي له من أنه نقص الجزاء فسماه ظلماً، وقد بشر الله المؤمن بأنه لا يخاف ظلماً ولا هضماً، فإذا كان يجوز العقل وجَوَّز المؤمن أن ينقص من جزائه أو يدخل النار وليس بظلم فما معنى تبشيره بأنه لا يخاف؟ وهل يتصور وقوع المحال.

وهل يتضرر ويخاف من تسمية النقص والعقاب ظلماً فيؤمن بأنهما ليسا بظلم؛ لأن التسمية بذلك إنما تتعلق بالفعل من جهة الأمر والنهي؟! بلى إنه يخاف من العقاب سواءً سمي ظلماً أم لا، بل تصوره أنه عدل أبلغ في الخوف؛ إذ لا شكاية ولا تظلم يتسلى بهما، وهذا واضح بحمد الله. تمت.

[إلزام الفقيه الرجوع عن مذهبه]

وهو مذكور في الجواب عليه في قوله: (ومقالة القدرية تجهيل) في الأصل.

قال ¦ في التعليق: صار الفقيه في حيرة؛ لأنه إن رجع إلى مذهب المجبرة لزمه تجوير الباري بإقراره، وإن رجع إلى مذهب العدلية لزمه تجهيل الباري بدعواه. تمت