[طرف من أحوال أئمة فقيه الخارقة من العباسيين]
  فاستعلم من يعلم إلى كم ينقسم أنواع الخطاب وكيف مراتب حكمه، وحكم استعماله احتجاجاً واعتقاداً.
  وقد بينا اختصاص العترة في حديث الكساء وغيره: «اللهم إن هؤلاء عترتي أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً» وحديث التطهير في المرور على دار فاطمة؛ فهؤلاء هم الذين تجب متابعتهم وتحرم مخالفتهم، ويجب الاقتداء بهم في الدين، ولهم الأفعال المرضية والسير العادلة، والعلوم الواسعة، والتصانيف الجمة، والأجوبة للفرق الضالة القاطعة النافعة، وذلك معلوم ضرورة لمن عرف حال الفريقين، وتتبع السير والآثار من الطائفتين، وإن شئت ذكرنا لك طرفاً فاستدل به على ما وراءه.
[طرف من أحوال أئمة فقيه الخارقة من العباسيين]
  أول خلفاء بني العباس السفاح أبو العباس عبدالله بن محمد بن علي بن عبدالله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم، وهو خيرهم طبقاً، وأرجحهم حلماً، وأوسعهم علماً، وأنداهم كفاً، وأظرفهم أدباً، وألينهم عطفاً، كانت بيعته يوم الجمعة لثلاث عشرة خلون من ربيع الآخر ذكره الطبري(١).
  وقال الواقدي: في جمادى ولم يختلفوا في اليوم سنة اثنتين وثلاثين ومائة؛ فلما كان ذلك طلع المنبر في جامع الكوفة وكان حيياً(٢) فارتج عليه؛ فطلع داود بن علي وقام دونه؛ فخطب، خطبة داود بن علي سنذكرها لما ارتج على أبي العباس؛ فلما فرغ داود تفتح لسان أبي العباس فقال:
  الحمد لله الذي اصطفى الإسلام لنفسه بكرمه وشرفه وعظمته(٣)، واختارنا له وأيده بنا، وجعلنا أهله وكهفه وحصنه، والقوام به والذابين عنه والناصرين
(١) الطبري (٦/ ٣٦٨) منشورات مؤسسة الأعلمي.
(٢) يعني كثير الحياء.
(٣) في الطبري (٦/ ٣٧٢) لفظ الخطبة: (لنفسة تكرمةً، وشرَّفه وعظَّمه).