[المأمون والمغنين]
  ربع الدينار فما فوقه ودونه؛ فكيف لا تعتبر العدالة في ولاية أمر أمة محمد ÷ في الفروج والدماء والأديان التي هي قاعدة الحياة.
  وهؤلاء الذين سميناهم من القوم هم زبدتهم وساداتهم، ولهم أيضاً أفعال محمودة، ولكن ذلك كما يفعل الملوك من الإحسان والطرائق الشريفة من صدقات وصلات، ولكن أين هم ممن لم تعرف منهم الهفوات، ولا علمت منهم الزلات، ولا ظهرت فيهم المنكرات، بل هم كما قال أبو فراس فيهم ما يعرفه الكل ممن عرفهم وخبرهم؛ لأن الفقيه –أبقاه الله تعالى! -(١) كالجاهل لهم أو جاهل؛ فإن كان كالجاهل فهو على وجه الغضبان عليهم لاعتقادهم أن أباهم علي بن أبي طالب # أولى الخلق بالخلق بعد رسول الله ÷؛ لأنه في هذه الأمة بمنزلة هارون في قوم موسى لا تصرف لأحد بعد موسى إلا له، ومن تصرف كان متعدياً، ويكرهنا إغضاب الفقيه، لكن الحق أحق أن يتبع فينا وفيهم:
  دعوا الفخار لعلَّامين إن سئلوا ... يوم السؤال وعمَّالين إن علموا
  لا يغضبون لغير الله إن غضبوا ... ولا يضيعون حق الله إن حكموا
  تنشا التلاوة من أبياتهم أبداً ... ومن بيوتكمو الأوتار والنغمُ
  مِنْهُم عُلَيَّةُ أم منكم وهل لهمو ... شيخ المغنين إبراهيم أم لكمو
  فهذه أحوال صنائعهم، وأمراء أجنادهم، وأولى الناس بهم فيهم هذا عم أبي فراس ناصر الدولة ردهم إلى بغداد بعد أن أخرجوا من ديار خلافتهم وأزعجوا واستولى عليهم في ديارهم عبيدهم الأتراك الذين حملوهم على رقاب المسلمين، وأولئك أفضل أخدامهم فقد ولوا اليهود والنصارى، وشرح ذلك يؤدي إلى
(١) هذا الدعاء من الإمام # للفقيه وارد على نحو قوله تعالى: {ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ ٤٩}[الدخان]، أو لطلب طول مدته لتظهر للناس خزاياه وفضائحه.