كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[اعتراض الفقيه على لفظة مولانا ومالكنا وسيدنا ورد الإمام عليه]

صفحة 199 - الجزء 2

  عنهم وبعده منهم، ولو كان محباً لهم لاستحسن ما استقبح:

  لو لم يكن لك في القلوب مهابة ... لم يقدح الأعداء فيك ويجرحوا

  نظروا إليك بأعين لو أنها ... عين الرضا لاستحسنوا ما استقبحوا

  فأما ما ذكر من نهي رسول الله ÷ من الإطراء كما أطرت النصارى عيسى بن مريم؛ فذاك الحق الذي لا مرية فيه؛ لأن النصارى جعلته إلهاً ومتحداً بالإلهية، أو ممتزجاً من ناسوت ولاهوت، أو من صفة وموصوف، على حسب اختلافهم، وهذا كفر لا إشكال فيه عند كل مسلم، فيحق لمثله أن ينهى عنه.

  وأما ما ذكر ما كان رسول الله ÷ يزاد على يا رسول الله، أو يا نبي الله؛ وأي درجة وشرف فوق هذا إلا ما يتعلق به النهي؛ لأن أكبر درجة في دار الدنيا والآخرة هي النبوءة؛ لأن النبوءة والرسالة أعلى درجات الرفعة، ولا تطلق عند الله إلا على من اختص بعبادته، وعلم من خاصته، قال تعالى: {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا ٦}⁣[الإنسان]، فهذا نهاية التعظيم وغاية الشرف.

  والسيد والمالك كثير، والرسول والنبي من اختصه الله واصطفاه وقربه واجتباه، ولم يجعل بينه وبينه واسطة بشر؛ فأي إطراء أو تعظيم، وتشريف وتكريم فوق هذا من صفات البشر؟

  وأما السيد فقد قال تعالى: {وَسَيِّدًا وَحَصُورًا}⁣[آل عمران: ٣٩]، فكيف يقال: السيد عند الفقيه، وقد روى الفقيه في أبي بكر وعمر سيدا كهول الجنة؛ فكيف يقال لمن سمي بهذا سيدنا إذا أضافه الداعي إلى نفسه⁣(⁣١).


(١) قال ¦ في التعليق: وعنه ÷ قال: «أنا سيد ولد آدم». رواه الترمذي من رواية أبي نضرة عن أبي سعيد، ومسلم من حديث أبي هريرة، وأبو نعيم من رواية سهل عن أبيه عنه، وابن أبي عاصم من حديث عائشة، وابن حبان من حديث أبي بكر وواثلة وعبدالله بن عمرو بن العاص، وهو عند أحمد وأبي يعلى وأبي نعيم والبيهقي من طريق أبي نضرة عن ابن عباس، والدارقطني من طريق أخرى لحديث ابن عباس من رواية خارجة بن مصعب عن ابن جريج =