[اعتراض الفقيه على لفظة مولانا ومالكنا وسيدنا ورد الإمام عليه]
  وأما المولى فلا يطلق إلا للإمام الذي تجب طاعته، وتحرم مخالفته؛ فمتى كان كذلك قالوا: سيدنا ومولانا ومالكنا حكماً من الله سبحانه، وفصلوه بذلك من إمام الصلاة والفقه والتدريس والرواية، وإنما جهل الفقيه هذه الأحكام في ذرية الرسول ÷ لأنه منهم بمعزل، فلم يعرف شيئاً من أحكامهم وتربيته ومنشأه على الرفض، فلما ارتفع إلى درجة الفقه والترشح إليها انتقلت إلى منزلة النصب.
  وأما قوله: «الله مولى المؤمنين، وإمامك مولى المؤمنين» فقد طال الشرح على الفقيه والاحتجاج من الصحاح عنده وغيرها من كتب الآثار بأن علياً # مولى المؤمنين، وقول رسول الله ÷: «من كنت مولاه فعلي مولاه» فأطلق لفظة المولى على النبي ÷ وعلى الوصي، وهذا ظاهر لا يفتقر إلى بيان(١)، ولولا أن ترك الجواب يغريه باعتقاد أن الجواب ما ترك إلا لظهور حجته وغلبة برهانه لأضربنا عن الجواب في مثل هذا؛ لأن من بلغ إلى هذا الحد استغنى بمعرفة جهله عن محاورته، وقد بينا الأخبار بمجرد أسانيدها، وتكرار إعدادها في: «من كنت مولاه فعلي مولاه» وإطباق العلماء على بلوغه حد التواتر، وحفظ المستحفظين له حتى بقي في يومنا هذا يروى بمائة طريق وخمسة عشر طريقاً.
  وقد أنكر الفقيه إطلاق لفظ مولانا لمن استحق الخلافة عند من يعتقد الخلافة في أولاده وأولاد أولاده، وهم عند أتباعهم في مرتبته في وجوب الاتباع،
(١) قال رضوان الله عليه في التعليق: ولذا قال عمر: (أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة).
وقال أبو أيوب الأنصاري لما وصل إلى علي في جند من قومه متلثمين للجهاد معه لمعاوية: السلام عليك يا مولانا، فقيل له: ما هذا؟ فاحتج بأنه قال فيه رسول الله ÷ ذلك، فابحث عنه في (شرح النهج)، وأخرج معناه أحمد بن حنبل عن رباح بن الحارث. تمت (تفريج).
ورواه الفقيه حميد الشهيد بسنده إلى ابن المغازلي بسنده إلى رباح أيضاً، وقد مرا في الجزء الأول من الكتاب بطرقهما وروايتهما في (شرح النهج) ممَّا يقوي صحتهما. تمت.