كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[أخبار نبوية في فضائل أهل البيت (ع) واعتراض فقيه الخارقة عليها]

صفحة 215 - الجزء 2

  مساواة عمار وسلمان لعلي # واشتياق الجنة إليهما وهما موليان، وفضلا بهذه المرتبة على كثير من أهل الشرف والنسب، وحتى قال النبي ÷: «سلمان منا أهل البيت» وناهيك بذلك فضلاً، وكان يقول لعمار: «مرحباً بالطيب المطيب» ولا خلاف أن بلالاً الحبشي أفضل عند الله وعند رسوله من أبي طالب القرشي.

  ولما سأل جماعة من كبراء قريش رسول الله ÷ أن يجعل لهم يوماً يأتونه فيه ولا يأتيه فيه الفقراء من أهل الصفة، وللفقراء يوماً لا يأتيه فيه كبراء قريش لتأذيهم برائحتهم؛ فهمّ النبي ÷ بمساعدتهم إلى ذلك فأنزل الله ø: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ٢٨}⁣[الكهف]، ولما جاء عبدالله بن أم مكتوم الأعمى إلى النبي ÷ ليسلم، وعنده رجل من كبراء قريش يعرض عليه الإسلام، وقد طمع في إسلامه فتشاغل عن ابن أم مكتوم يحدث ذلك الرجل الكبير القدر؛ فعاتبه الله ø عتاباً شديداً، وأنزل عليه: {عَبَسَ وَتَوَلَّى ١ أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى ٢ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى ٣ أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى ٤ ... الآيات}⁣[عبس]، فعلمنا بهذا أنها قرابة وقربة؛ فمن جمع القرابة والقربة؛ فقد حاز فضلاً عظيماً، وشرفاً عميماً، ووجبت محبته على الكافة، وموالاته ومتابعته، وكان في محبته ما ذكرت من الفضل بل لا يحصى ما له من الفضل عند الله تعالى، بل قد ورد عن النبي ÷: «المرء مع من أحب» ومن خالف النبي ÷ في اعتقاده الذي كان عليه، وبدل دينه الذي دعاه إليه، وجعل لله شريكاً من خلقه، وشبه أفعال الله بأفعال خلقه، ولم يعترف للنبي ÷ فيما شهد به بصدقه، ونسب الله إلى العجز عن القدرة على أفعال عبيده، وأنه متفرد بالمشيئة دونه، وأنه يجبر الله تعالى على أفعاله فيفعل ما يشاء وإن أراد