كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[جواب الإمام (ع) على اعتراض الفقيه]

صفحة 217 - الجزء 2

  من العباد ولم ترهبهم، فهلا استحيت من رب العباد ورهبته، ألم تعلم أنه لولا فضل الذرية لما فرق الشرع الشريف بينهم وبين سائر البرية؟ فحل لهم ما لم يحل لغيرهم من الخمس، وحرم عليهم ما لم يحرم على سواهم من الزكاة والأعشار، وعلم كل عاقل فضلاً عن صاحب دين وشرع فضلهم على سائر العباد حتى اشترك في ذلك المسلمون والكفار، هذا يحيى بن عبدالله # هرب إلى بلاد الترك فعظمه ملك الترك التعظيم الذي لا مزيد عليه على أنه على النصرانية؛ لأجل قرابته من رسول الله ÷، ثم انتقل من بلاد الترك إلى بلاد الديلم وملكهم جستان؛ فبلغ به الغاية القصوى من التعظيم وهو على دين المجوسية حتى إن الفضل بن يحيى عرض على جستان الأموال العظيمة فأبى أن يقبلها كما ذكرنا في قصة يحيى، وقال: لو أعطيت ملك الدنيا لما خليته؛ لأنهم بذلوا له ألف ألف خارجاً عن الثياب والطيب والتحف؛ فلما أعجزه أمره احتالوا من طريق امرأته بما يأتي ذكره⁣(⁣١)، كل ذلك لحق قرابة النبي ÷ حتى كادوه من قبل امرأته ومن قِبَل علماء السوء الذين سلكوا منهاجه.

  ونحن نذكر قصة يحيى معهم لأن فيها عبرة لإيثار الناس الدنيا على ما فرض الله عليهم من ولاية العترة، وقد تقرر في العقول، وأيد ذلك الشرع المنقول، أن لبهيمة الرئيس مزية على بهيمة غيره، وأن من أساء إليها قيل: أخطأت في بهيمة فلان؛ فما ظنك بولده، فليت أنك أيها الفقيه نزلت فيهم منزلة الكفار والمجوس والنصارى، وإذا كان جرمهم خلافهم لك ولشيوخك:

  فتلك شكاة ظاهر عنك عارها

  وهم على ذلك؛ فهل إرث أبيهم ~ إليهم أم إليك؟ فلو قبلت أصبت، وخطأت نفسك بخلافهم، وتبت إلى الله من شقاقهم، لكان أولى بمن يعتزي إلى


(١) تقدم في الجزء الأول، لكن الإمام ابتدأ بهذا قبله. تمت من الإمام الحجة/ مجدالدين بن المؤيدي #.