كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[خطبة الحسين (ع)]

صفحة 222 - الجزء 2

[خطبة الحسين (ع)]

  وكذلك خطبة الحسين # لما دنا منه القوم حمد الله وأثنى عليه، وصلى على النبي ÷، ثم قال: (أيها الناس إن الدنيا قد تنكرت وأدبر معروفها، فلم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء، وخسيس عيش كالمرعى، ألا ترون الحق لا يعمل به، والباطل لا ينهى عنه ليرغب المرء في لقاء ربه، فإني لا أرى الموت إلا سعادة، ولا الحياة مع الظالمين إلا شقاوة، من كان فينا باذل مهجته فليرتحل فإني راحل بهذه الأسرة على قلة العتاد وخذلة الأصحاب:

  فإن نَهْزِم فهزامون قدماً ... وإن نُهْزَم فغير مُهَزَّمينا)

  ولا يعترض الفقيه هذا البيت بقوله: فإن نغلب فغلابون قدماً؛ فنحن نعرف ذلك، ولكن هكذا سمعناه؛ فقد رأيت أنه سماهم الظالمين؛ فرأى الموت سعادة دون مسالمتهم، وإنكار منكرهم، وقد علم أهل العلم ضرورةً أن أتباع آل علي الشيعة الصابرة، كما أن أتباع معاوية اللعين السنية الخاسرة؛ لاستمرارها على سب علي # أو تصويب من سبه والترضية؛ لأن سنة الرسول ÷ فهي ما كان عليها علي # وأتباعه.

[تظاهر جواسيس الدولتين بالزهد والتقشف للتقرب من أئمة أهل البيت]

  وقد علمت أن عيون أهل البيت $ على سلاطين الظلم من بني أمية وبني العباس الشيعة، وأن جواسيس الظلم من الفريقين على آبائنا $ من أمروه بالتقزز والتقشف والعبادة وإظهار التشيع، كما أنه لم يخرج أسرار بني العباس إلا المغنون وأصحاب الملاهي والندماء برواية الطبري وغيره من أهل التواريخ.

  وأما كتب أهل البيت $ وأتباعهم ¤ فهي محل ذلك، يشهد لذلك ما روينا بالإسناد المسند يبلغ به إلى السيد الإمام أبي طالب يحيى بن الحسين الهاروني # قال: حدثنا أبو العباس الحسني | إملاء، قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن علي بن روح، قال: سمعت محمد بن يحيى الصولي يقول: سمعت