[اختصاص بني العباس بأهل الملاهي]
  محمد بن القاسم أبا العيناء يقول - وقد تذاكرنا ذهاب بصره -، قال: كان أبو جعفر - يعني الدوانيقي - دعا جدي، وكان في نهاية الثقة به والعقل عنده، فقال: قد ندبتك لأمر عظيم عندي موقعه، وأنت عندي كما قال أبو ذؤيب:
  ألكني إليها وخير الرسول ... أعلمهم بنواحي الخبر
  ثم عرفه ما يريد منه وأطلق له مالاً خطيراً، وقال: كل شيء تريده من المال بعد هذا فخذه، وصر إلى المدينة فافتح بها دكان عطار وأظهر أنك من خراسان شيعة لعبدالله بن الحسن بن الحسن، وأنفق على أسبابه وأهد لهم ما يقربك منهم، وكاتبني مع ثقاتك بأنفاسهم، وتعرف لي خبر ابنيه محمد وإبراهيم.
  فمضى جدي ففعل ذلك كله؛ فلما أخذ أبو جعفر عبدالله بن الحسن وإخوته جعل يوبخ عبدالله على كل شيء من فعله وقوله، ويأتيه بما ظن عبدالله أنه ليس أحد يعلمه؛ فقال عبدالله لبعض ثقاته: من أين أُتِيْنا؟ قال: من جهة العطار، فقال: اللهم أبله في نفسه وولده بما يكون نكالاً له وردعاً لغيره، وبلاءً يشتهر به، قال: فعمي جدي، وعمي بعده أبي وولده، وأنا على الحال التي ترون، وكذلك ولدي من دعاء عبدالله بن الحسن إلى يوم القيامة.
  فهذا الجاسوس على أهل البيت يظهر التدين والتشيع.
[اختصاص بني العباس بأهل الملاهي]
  والراوي عن بني العباس أهل الملاهي والمعازف والشرب والندماء، ولو أردنا الحكاية عن كل واحد منهم لطال الشرح، ولكن يكفي من ذلك ما نرويه من ميلهم إلى المغنين وأهل الملاهي، واختصاصهم بأرباب الشرب والمعاصي:
  روى ابن جرير في تاريخه: أن محمد بن سليمان لما توفي بالبصرة وجه الرشيد من اصطفى ما كان خلفه من صامت وكسوة وفرش ورقيق ودواب وخيل وإبل وطيب وجوهر وآلة فأخذوا جميع ذلك وما تركوا إلا الخرثي الذي لا يصلح للخلفاء فأتوا من العين بستين ألف ألف؛ فحملوها مع ما حملوا فلما صارت في