كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[اختصاص بني العباس بأهل الملاهي]

صفحة 224 - الجزء 2

  السفن أخبر الرشيد بمكان السفن التي حملت ذلك؛ فأمر أن يدخل جميع ذلك إلى خزانته إلا العين فإنه أمر بصكاك كتبت بذلك للندماء، وكتبت للمغنين حكمات صغار وما يذر في الديوان شيئاً ثم دُفع إلى كل رجل صك بما رأى أن يهب له فأرسلوا وكلاءهم إلى السفن فأخذوا المال على ما أمرهم به في الصكاك أجمع، ولم يدخل بيت ماله منه درهم ولا دينار.

  وروى الواقدي: أن هارون لما أراد امتحان إبراهيم بن عثمان بمحنة يزيل عنه الشك في سعاية ابنه وخادمه بأنه منطو على الطلب بالبرامكة؛ فقال للفضل بن الربيع: إذا رفع الطعام فادع بالشراب، وقل له: أجب أمير المؤمنين أن ينادمك إذا كنت منه بالمحل الذي أنت به؛ فإذا سكر فانصرف وخلني وإياه ففعل ذلك الفضل بن الربيع، وقعد إبراهيم للشرب، ثم وثب حين وثب الفضل للقيام؛ فقال له الرشيد: مكانك يا إبراهيم، ففعل؛ فلما طابت نفسه أومأ الرشيد إلى الغلمان فتنحوا عنه، ثم قال: يا إبراهيم كيف أنت وموضع السر منك؟ قال: يا سيدي أنا أحد عبيدك وأطوع خدمك، قال: إن في نفسي أمراً من الأمور أريد أن أودعكه وقد ضاق صدري به، وقد أسهرت له ليلي، قال: يا سيدي إذاً لا يرجع عليك أبداً وأخفيه عن جنبي وعن نفسي أن تعلمه.

  قال: ويحك، إني قد ندمت على قتل جعفر بن يحيى ندامة لا أحسن أصفها فوددت لو أني كنت خرجت من ملكي وأنه كان بقي لي فما وجدت طعم النوم منذ فارقته ولا لذة العيش مذ قتلته؛ فلما سمعها إبراهيم، أسبل دموعه وأذرأ عبراته وقال: رحم الله أبا الفضل وتجاوز عنه، والله يا سيدي لقد أخطأت في قتله، وأسأت العشرة في أمره، فقال الرشيد: قم عليك لعنة الله يا ابن اللخناء، ثم سرد الحكاية.

  فمَنِ المحبوب عند الفقيه إنْ أخرج أهل هذا البيت الشريف - لمخالفتهم له - من القربة؟!