كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الذي يستحق دخول الجنة]

صفحة 228 - الجزء 2

[الذي يستحق دخول الجنة]

  قوله: «وأدخل نفسه الجنة، وأدخل نفسه النار ..» إلى آخر كلامه - عمى لا يقاس، وجهل بحكم الإلزام، إن كان ما يعيب على خصمه فعله، وهو يريد بتقريعه وتأنيبه رجوعه عنه، فهو خروج من مذهبه، وعليه أن يوضح لخصمه البرهان.

  وإن كان ما ينهاه عنه ويؤنبه فعل الله تعالى؛ فكيف ينهاه ويلزمه على فعل غيره؟ هذا دين إبراهيم الذي وفى، {أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ٣٨ وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى ٣٩ وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى ٤٠ ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى ٤١}⁣[القمر]، فما ترانا زدنا على هذا أو نقصنا؟

  ومذهبنا أن من أطاع الله أدخله الجنة بطاعته، ومن عصاه أدخله النار بمعصيته؛ جزاء للمطيع على إطاعته، وعقاباً للعاصي على معصيته، كما قال تعالى: {جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ}⁣[البينة: ٨]، وكما قال تعالى: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ٢٣}⁣[الجن].

  وعندنا أن من اجتنب كبائر ما نهي عنه كفَّر عنه سيئاته، وذلك قوله تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ}⁣[النساء: ٣١]، فإن عاب عاب فعل خالقه، وأخبر تعالى وهو لا يخبر إلا بالحق أنه يكفر الصغائر لمن اجتنب الكبائر؛ فأي عار على من احتج بقول خالقه.

[إبطال كون المعاصي بقضاء وقدر]

  وأما قوله: «وقد كذب بقضاء الله وقدره» فلا يجوز التكذيب بقضاء الله وقدره، إلا أنه تعالى أخبر أنه يقضي بالحق والمعاصي باطل، وكذلك لا يُقَدِّر إلا ما يطابق الحكمة؛ لأن المعاصي والمخازي قبيحة والقبيح لا يكون تقدير الحكيم، ولأن الأمة قد أجمعت على وجوب الرضا بقضاء الله وقدره، وأجمعت