كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الذي يستحق دخول الجنة]

صفحة 229 - الجزء 2

  على وجوب كراهة المعاصي والمخازي، فلو كانت بقضاء الله وقدره لوجب الرضا بها والرضا بقضاء الله تعالى واجب، وقد علمنا أن من وجد الفساق مع حرمته وجب عليه إنكار ذلك وسخطه، ولو رضي بذلك وجبت لعنته، وقد أحل النبي ÷ قتله، فقال: «اقتلوا الديوث أينما وجدتموه» رويناه مسنداً، ولم ينكر ذلك أحد من أهل العلم، وكيف يقتل من رضي بقضاء الله تعالى؟!

  وأما قوله تعالى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ٤٩}⁣[القمر] - فهو حق لا مرية فيه، وكل شيء خلقه لا بد أن يكون بقدر ومطابقة الحكمة؛ لأنه فعل الحكيم تعالى، ولو كانت المخازي فعله تعالى الله عن ذلك لكانت حسنة؛ لأنه لا يفعل إلا الحسن كما قال تعالى: {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ١٤}⁣[المؤمنون]، فلولا أن العباد يخلقون الإفك والقبائح لما كان لقوله تعالى: {أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} معنى إلا أن العبد يخلق القبيح والحسن والله تعالى لا يخلق إلا الحسن من كل وجه فهو أحسن الخالقين.

  وأما قوله: «وصح ذلك في سنة النبي ÷ المطهر» فقد تكلمنا في ذلك.

  قوله: «وكم في القرآن» لا ينتج بمجرده برهاناً ما لم يذكره؛ لأن خصمه يقول: وكم في القرآن؛ فاستويا.

  وأما قوله: «وأذى النبي في صحابته ..» إلى آخر كلامه؛ فقد تقدم جوابه بأن فعل العبد فعل الله فهو الذي ظلم الصحابة، وإثمه وفعله حق، ونزيد في ذلك: أنا ما ظَلَّمنا إلا من ظلم، ولا أثَّمنا إلا من أثم، وتكرير تعظيم الصحابة لا يوجب عصمتهم من ذلك، وقد ذكر أن معاوية من الصحابة وأجمع معنا أنه قد ظَلَم في أيام علي # ذكر ذلك في الخارقة، وكذلك طلحة والزبير من أفاضل الصحابة، وقد ظلما علياً # بالخروج عليه، إن كان عنده الخروج على إمام الحق ظلماً.

  وأما قوله: «عَجَّز قرابته وضَعَّفهم» فهم آباؤنا سلام الله عليهم، وهم الليوث الخوادر، والغيوث المواطر، والنجوم الزواهر، ولولا عجزهم عن