[أدلة الفقيه في مسألة القضاء والقدر]
  يؤدي إلى ترك الآداب، ونقص أحساب ذوي الأحساب، فكان ذلك أولى بالقبول، وأليق بأهل الأصول الشريفة والعقول؛ فصار كما قيل في المثل السائر: تجنب روضة وأحال(١) يعدو، وهلا جعلت عَدْوَك في سنن الصواب لتسلم من العَتْب والعتاب، أربع على ضلعك، يا ربيع ليس سكابْ مهرة للمبيع، صغرت ما عظم الحكيم، وطلبت الربح بنصرة الباطل فخسرت،
  ترادي بكدَّانِ الدَّنا كهفَ طيِّئ ... فأبصرْ أبا رغلاتِ صخرةَ منْ تردِي
  فقلْ مثلَها، يا قينُ، إنْ كنتَ صادقاً ... وإِلاَّ فَمِنْ أَنَّى تُنِيرُ وَلاَ تَسْدِي(٢)
  ما أكثر الدعاوي وأقل البراهين! ومن البغاث يبطش الشواهين، أتجعل حزب معاوية بمنزلة العترة الزاكية؟!
[أدلَّة الفقيه في مسألة القضاء والقدر]
  وأما قوله: «وسأذكر له أحاديث في القضاء والقدر مسندة مما ذكره الإمامان مسلم والبخاري(٣)، فقد أجمع علماء السلف والخلف من أهل السنة والجماعة
(١) أحال بمعنى رجع، ومنه حديث خيبر: فأحالوا يعدون، أي رجعوا إلى الحصن هاربين، أفاده في النهاية.
(٢) البيتين من قصيدة طويلة للطرماح، انظر ديوانه. والبيت الأول وما قبله وما بعده هكذا:
وجرِّبتَ يومَ الأزدِ والدّينُ قدْ دجَا ... عليكَ فلمْ تمنعُهُمُ خطَّةَ الضَّهدِ
ترادي بكدَّانِ الدَّنا كهفَ طيِّئٍ ... فأبصرْ أبا رغلاتِ صخرةَ منْ تردِي
ونَحْنُ أَجَارَتْ بالأُقَيْصِدِ هَامُنَا ... طهيَّةَ يومَ الفارعينْ بلاَ عمد
ثم ساق الأبيات حتى قال:
لَنَا سَابِقَاتُ العِزِّ والشِّعْرِ والحَصَى ... وربعيَّةُ المجدِ المقدَّمِ والحمدِ
فقلْ مثلَها، يا قينُ، إنْ كنتَ صادقاً ... وإِلاَّ فَمِنْ أَنَّى تُنِيرُ وَلاَ تَسْدِي
(٣) قال ¦ في التعليق: قد قال المقبلي إن أحاديث يرويها البخاري في خلق الأفعال لا تمسها الصحة، أفاده الإمام محمد بن عبدالله الوزير. ويأتي لنا في حاشية الجزء الرابع الكلام في إبطال دعوى صحة الأمهات على الإطلاق أبسط ممَّا هنا. تمت.