[الكلام على الخبر الخامس عن سراقة]
[تأويل آخر لليسرى والعسرى في الآية]
  وقد تكون اليسرى هاهنا الجنة، وتيسير المؤمن لها إيصاله إليها، وتكون العسرى النار، وتيسير البخيل بالحق المستغني عن أداء الواجب يسوقه إليها، وذلك صحيح في تفسير الآية؛ لأنه لا يسر أهنأ من الجنة، ولا عسر أسوأ من النار.
[الكلام على الخبر الخامس عن سراقة]
  وأما الخبر الخامس عن جابر، قال: جاء سراقة بن مالك بن جعشم، فقال: يا رسول الله، بين لنا ديننا كأنا خلقنا الآن، فيم العمل اليوم أفيما جفت به الأقلام وجرت به المقادير، أم فيما يستقبل؟ قال: «بل فيما جفت به الأقلام وجرت به المقادير» قال: ففيم العمل؟ قال زهير - يعني أحد الرواة - ثم تكلم أبو الزبير بشيء لم أفهمه، فسألت ما قال: فقال: «اعملوا فكل ميسر».
  فالكلام منه مثل ما ذكرنا؛ لأن قوله: بين لنا ديننا؟ اعتراف بأن النبي ÷ فاعل للتبيين، وذلك خلاف قول المجبرة: إن العبد ليس بفاعل.
[معاني الدين]
  وقوله: ديننا، يقتضي ذلك أيضاً؛ لأنه لا يسمى ديناً إلا بأن يتعلق بهم؛ لأن الدين في هذا الموضع هو ما يدان الله تعالى به، وأراد به الاعتقاد، والله أعلم، وإن كان الدين اسماً للعبادة وللعادة، وللحساب وللجزاء، ولكن الذي يليق بهذا الموضع ما ذكرنا على أن جميع ما ذكرنا من أسماء الدين يدل على أن العبد فاعل كيفما دارت القصة.
  وسؤاله: ففيم العمل؟ دلالة على أن العبد يعمل عمله، وأنه ليس بفعل الله تعالى.
  وقوله: جفت الأقلام: عبارة عن كتب الملائكة $ لما وكلهم الله تعالى من أعمال العبادة من طاعة ومعصية.